وأوضح، فمن العجيب في نظر من لا يعرف أن تكون البذرة الخرساء أصلاً للدوحة الشماء، وأن تكون البيضة الصغيرة أصلاً لطائر جميل يغرد أو يصيح
ولكن البذرة قد تفسد فلا يصدر عنها شجر ولا نبات، والبيضة قد تفسد فلا يصدر عنها طائر ولا حيوان
- ليس في الوجود فساد، وإنما هو تحول، فالبذرة الفاسدة والبيضة الفاسدة تتعرضان إلى تعفن تعيش به خلائق
- آمنت بالله وكفرت بفلسفتك
- لن تؤمني بالله إلا يوم تدركين حقائق هذه الفلسفة، يا محبوبتي الغالية
- وأصدق أن الحجر فيه حياة؟
- نعم، في الحجر حياة، وأثمانه تتفاوت لهذا لسبب، فالحجر الذي يباع رخيصاً في هذا اليوم لأنه لين، سيباع غالياً بعد ألف سنة لأنه صلب، وإن صبرنا عليه مليون سنة فقد يتحول إلى جرانيت، وهذا هو الفرق بين محاجر طره ومحاجر أسوان
- بدأت أفهم
- وأنا لو شئت أفهمت جميع الأغبياء
- أنا غبية؟
- اسمعي يا غبية ثم اسمعي، هذا البناء الشاهق مم يتألف؟ أنه يتألف من جمادات يأخذ بعضها برقاب بعض، لأنها جميعاً أحياء، فالجبس يعشق الطوب، والأسمنت يعشق الحديد، وبفضل هذا التعاشق تنهض هذه البنايات الشواهق، كما تبتسم الخمر حين يصافحها الماء
- وأنت بالأمس أنكرت الموت، وهذا أغرب ما سمعت من الآراء
- ليس في الوجود موت، فالدجاجة التي ذبحناها وشويناها ماتت في نظر الناس، فكيف تستطيع وهي ميتة أن تثير فينا النشاط حين نأكلها في صباح أو مساء؟ واللحوم التي ترد إلينا من استراليا محفوظة في علب هي لحوم حيوانات بعضها ذبح قبل أعوام طوال، ونحن نأكلها فنشعر بنشاط وأريحية، فكيف نصدق أنها ماتت؟
- إننا نرى بأعيننا ناساً يموتون، وندفنهم ونترحم عليهم، ونقيم لفراقهم الحداد
- أنهم يموتون موتاً عرفياً، وهم في الواقع أحياء، فلو بدأ لرجل أن يأكل قطعة متعفنة من