للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

٤ - أن رسماً كهذا من شانه أن يشيع اللحن، ويعمل على انحلال العربية الفصحى، ويحول دون تثبيت ملكتها في النفوس، ويحمل على الاستهانة بقواعدها، ويصرف كثيراً من خاصة الناس أنفسهم عن الإلمام بضوابطها النحوية والصرفية، لأن في استطاعتهم، بفضل هذا الرسم المعيب، أن يكتبوا ويؤلفوا بدون أن يكونوا ملمين بأصول هذه اللغة، ولا مستطيعين هم أنفسهم قراءة ما يكتبونه قراءة صحيحة، وبدون أن يظهر في كتاباتهم أي أثر لقصورهم هذا

(وثانيهما) أن للحرف الواحد بحسب هذا الرسم صوراً مختلفة: فله صورة إذا كان مفرداً وصورة إذا كان متصلاً بغيره؛ وله صورة إذا كان في أول الكلمة، وأخرى إذا كان في وسطها، وثالثة إذا كان في آخرها

وقد ترتب على ذلك الأضرار الأربعة الآتية:

١ - أن تعدد هذه الصور من شأنه أن يحدث الارتباك والحيرة عند المبتدئين من المتعلمين ويطيل زمن تعلمهم للهجاء

٢ - أنه يكلف المطابع نفقات باهظة في الحصول على عدة نماذج لكل حرف من حروف الهجاء

٣ - أنه يخلق صعوبات في الطبع ويرهق العمال القائمين على صف الحروف من أمرهم عسراً، إذ يتردد الواحد منهم بين أكثر من مائة صندوق مختلفة في صور ما تشتمل عليه من نماذج، فضلاً عن صناديق الشكل وعلامات الترقيم؛ بينما لا يتردد العامل القائم على صف الحروف الإفرنجية إلا على نحو خمسين صندوقا

٤ - أن كثرة الصناديق وتعدد الصور للحرف الواحد، كل ذلك يجعل عمل هؤلاء العمال عرضة للزلل. ومن أجل هذا تكثر الأخطاء المطبعية في الكتب العربية بينما تندر جداً في الكتب الإفرنجية، مع أن جامعي الكتب الأولى ومصلحي تجاربها يبذلون من الجهد في الجمع والإصلاح أضعاف ما يبذله زملاؤهم في الكتب الثانية

وقد قدمت عدة اقتراحات لاتقاء هذه العيوب وآثارها ولكن معظم هذه الاقتراحات لا يحقق هذه الغاية تحقيقاً كاملاً؛ والقليل منها الذي يحققها أو يدنو من تحقيقها يخلق لنا رسماً يختلف كل الاختلاف عن رسمنا الحالي، فيقطع بذلك الصلة بين حاضرنا وماضينا،

<<  <  ج:
ص:  >  >>