ويحول بين الأجيال القادمة والانتفاع بالتراث العربي، كما بينت ذلك بتفصيل في كتابي (علم اللغة) و (فقه اللغة)
وقد كنت رأيت في كتاب (فقه اللغة) أنه من الممكن التغلب على صعوبات الرسم العربي (بالتزام شكل الكلمة التي من شأنها أن تثير اللبس عند أواسط المتعلمين إذا تركت بدون شكل)
ولكن ظهر لي فيما بعد أن هذا لا يقضي إلا على قليل من عيوب هذا الرسم ولا يقي إلا من بعض الأضرار التي أشرت إليها آنفاً
هذا إلى أن رسم الشكل فوق الحرف أو تحته مع اتصال الحروف بعضها ببعض وضيق الحيز الذي يشغله كل حرف منها يجعل هذا الشكل عرضة للانحراف فيحدث الارتباك ويوقع في الخطأ والحيرة. وفضلاً عن هذا كله فإن التجارب قد دلت على أن القلم كثيراً ما يزل في تدوين هذه العلامات الخارجة عن هيكل الكلمة وأن النظر كثيراً ما يتخطاها عند القراءة، فلا تكاد تؤدي الغرض المقصود منها
لذلك فكرت في طريقة أُخرى تخلص الرسم العربي من العيبين الرئيسيين الذين أشرت إليهما والى آثارهما فيما سبق، وتعفي القلم والنظر من الصعود والهبوط نحو حركات ترسم فوق الحروف أو تحتها، وتقي القارئ والكاتب شرور الانحرافات المترتبة على هذا الصعود والهبوط، ولا تقطع الصلة بين قديمنا وحديثنا، بل تتيح للأجيال القادمة الانتفاع بتراثنا القديم
فاهتديت إلى طريقة يمكن تلخيص أصولها في الأمور الأربعة عشر الآتية:
- أن ترسم حروف الكلمة مفردة منفصلاً بعضها عن بعض بنفس الصورة التي ترسم بها الحروف المفردة في رسمنا الحالي؛ هكذا: أب ت ث ج. . . الخ
٢ - أن ترسم الهاء هكذا:(هـ)، والتاء المربوطة هكذا (ة)، للتمييز بينهما وللنطق بكل منهما على وجهها الصحيح، فينطق بالأولى هاء دائماً وينطق بالثانية هاء في الوقف وتاء في الوصل
٣ - أن ترسم حروف المد الثلاثة مجردة من العلامات والنقط، هكذا: وى أ. ة ترسم الألف اللينة ألفاً مطلقاً مهما كان أصل الكلمة وعدد حروفها. فكلمات: رمى، إلى، على،