في غير هذا المكان من الرسالة يجد القراء كلمات كتبتها لنفسي، ولم أكن أنوي نشرها في هذا الوقت، ولكن المقال الأخير للأستاذ دريني خشبة حملني على تقديمها لمجلة الرسالة، لتكون جواباً على اعتراضات كثيرة واجهني بها كثير من أصدقائي، وتمنوا أن أجيب، ليستطيعوا الإجابة عني حين يستطيل أعدائي
وأقول بعبارة صريحة: إن الأستاذ دريني بعيد كل البعد عن نظرية وحدة الوجود، ومقالاته في نقضها تشهد بأنه لا يريد أن يسمع ما نقول في تأييد هذه النظرية، وأنه يحرص على أن تكون كل فكرة موصولة بالدين الإسلامي، مع أني قلت له أني لا أجعل الإسلام في بالي حين أواجه معضلات الوجود، لأن الإسلام ينهانا عن مواجهة تلك المعضلات
وقراء الرسالة يشهدون أني فررت من الميدان حين رأيت أن ثباتي فيه يعرضهم لبلبلة فكرية لا أريدها لهم بأي حال، وأنا القائل بأن المجد كالرزق فيه حرام وحلال، وأنا لهذا أبغض الشهرة المجلوبة بإيذاء الناس
وقال قوم أنه كان يجب أن أرد على الأستاذ معروف الرصافي، وأقول أني لن أرد عليه، لأنه أكرمني بنقد آرائي، وأنا أحترم من ينقدون آرائي بإخلاص. . . وقد قلت مرة إن الذوق خير ما دعا إليه الأنبياء، ولهذا المعنى لن أناقش الأستاذ دريني، لأنه من أعز أصدقائي، وإن كان ينفر من آرائي
وأنتهز هذه الفرصة فأسجل بيتين هما خير ما قال صديق في الشوق إلى صديق، وهما تحية من الشاعر عبد الرحمن البناء:
لك يا ابن الغُرِّ الميامين نفسٌ ... خُلقت من مكارم الأخلاق
فرَّقتنا الدنيا فهل يا زكيُّ ... أنا باق إلى اللقاء، أنا باق
سأراك يا أيها الشاعر إن سنحت فرصة لزيارة بغداد، وسأراك إن تفضلت بزيارتي في وطني، فأنا بحمد الله من أكابر الأغنياء في وطني، وسيكون من الشرف أن أهدي إليك داراً في سنتريس هي طيف من دارك في بغداد، يا شاعراً سابق الرصافي إلى إكرامي في بغداد.