وكان اليوم قائظاً فأنفقت في الركوب إلى ميدان سليمان باشا والعودة منه عشرة قروش، لكي لا يسومني أحد من الناس أن أرضخ عن قرش واحد بالعنت والإكراه
أكانت معارضتي في قضية التلفون إذن من لدد الإقليم أم من هذه الخليقة الشخصية؟
لا احسبني أحب المنازعات القضائية لأنني أحسمها دائماً قبل الدخول فيها، ولكنني أعلم أنني كنت على استعداد لإنفاق عشرة أضعاف المبلغ الذي طلبته مصلحة التلفون قبل أن أسلمه لها بغير الحق، وإنني ما كنت ألجئها إلى المقاضاة لو علمت أنها كانت على حق فيما تدعيه
ولكن الأستاذ عبده قد أراحنا من سداد المبلغ ومن إنفاق أضعافه، لأنه وفق بدفاعه إلى تقرير مبدأ عادل في موضوع هذه القضايا، لعله قد أراح المئات من المشتركين وحق له في أموالهم جميعاً نصيب غير مقدور
ومن طرائف ما في الكتاب قصة ذلك (البريء) الذي حكم عليه بالسجن في قضية قتل لم يجنه، ولكنه كان قد جنى وأفلت من العقاب مرات
أعرف شبيه هذه القضية في سرقة عوقب عليها لص ولم يجنها وكان قد جنى غيرها ونجا من العقاب
فليس بالنادر هذا الجزاء الإلهي الذي يجري أحياناً على أيدي القضاء
ولكن الذي يحضرني في هذا الصدد مشابهة فكاهية لهذا الصواب في الخطأ، أو هذا في الخطأ في الصواب، حدثت لي يوم كنت في مراجعة التذاكر بمصلحة السكة الحديد
فقد زدت تذكرة في قسم ونقصت تذكرة في قسم آخر، وسألت في ذلك فقلت: واحدة بواحدة، ضعوا هذه في مكان تلك، فلا زيادة إذن ولا نقصان
إن جاز في حساب العدد والنقود جاز ذلك في حساب النفوس والأحكام
وكلاهما يجوز على اضطرار
ولو شاء القارئ لاستطرد من الكتاب إلى كتب على هذا المنوال، ففيه ضروب من القضايا وفيه فنون من الهوامش والتعليقات، وهو يلم أحياناً بجرائم المصادفة وأحياناً بجرائم العوارض النفسية وأحياناً بمذاهب التشريع في غير تعسف ولا إقحام، ويمزج ذلك بلمحات من السخر تستطاب في سياقها، كقوله في التعقيب على كلام مجرم ينتظر بعد خروجه من