ولا زمان، ولا مكان. . . ثم يتعالم على الماشية ودواب الحمل، فيزعم لها، في وقار الفلاسفة وسمت العلماء، أن كل من في الوجود حي يرزق، فالحديد حي، و (وابور) الزلط حي، والزلط نفسه حي. وكل ما في الدنيا من جماد حي، كما يفسر ذلك الدكتور زكي مبارك - الذي كان يعيش بعقله، وشحمه ولحمه، قبل مليون سنة، في بلاد اسمها مصر، ومدينة اسمها القاهرة، وكما كتبه بيمينه في مجلة اسمها (الرسالة) كانت تصدر في تلك المدينة، رداً على الأغبياء الذين كانوا يلحدون في نظرية وحدة الوجود. ويجادلون فيها بالباطل وهم أبعد الناس عنها، ويدعون وصل ليلى. . . وليلى لا تقر لهم بذاكا؟
أهكذا يا عزيزي الدكتور تعود إلى دائك القديم، أو يعود إليك داؤك القديم، من دعوى وقوع الغيد الأماليد، والأعاريب الرعابيب، في حبك، وشغفهن بك، وقتلهن أنفسهن تهالكاً عليك، وترضيا لك؟
لقد كان الناس يضيقون بتلك النغمة، أو تلك الدعوى، يوم كنت شاباً أزهرياً، غض الإهاب فتياً. . . ثم زاد حنقهم عليك حين لم تقلع عنها وأنت والد كريم ذو. . . وبنين. . . أما وقد صرت جداً. . . وجداً لحفدة. . . فأظن يا أخي أن تلك الدعوى. . . دعوى افتتان الحسان بدمك الخفيف الظريف. . . قد أصبحت شيئاً بائخاً. . . وبائخاً لدرجة لا تطاق. . . فهل أنت مرعوٍ عنها يا صديقي؟
هذه نصيحة. . .
وألاحظ هذه الأيام أنك تسيغ شيئاً من الكذب، تحسب أنه ينفعك في التهويش على أصدقائك، الذين تزعم أنهم أعداؤك، والذين تزعم أنهم إنما يناوشونك ليصلوا - على قفاك! - إلى شئ من المجد الحرام!
أما هذا القليل من الكذب، فهو زعمك في كلمتك القصيرة أنك كتبت الكلمة الطويلة (بالعدد السابق) لنفسك، ولم تكتبها ردا على أحد. . . لكنك نسيت كل هذا الافتراء القليل وأنت تخبرني - متحدثاً مع شخصي كما يقول المحضرون أنك عندما قرأت مقالي صبيحة الأحد الماضي، فار دمك، وانطلقت إلى مصر الجديدة من فورك، وسهرت ليلك الطويل، تستوحي فتاتك البلهاء الغبية، وتصور نفسك لها بطلاً، ثم تزعم لها أنك أقنعتها فاقتنعت، وتزعم لها أنك لو شئت أفهمت أغبى الأغبياء، وانك تفتخر بكونك أول شارح لنظرية وحدة الوجود