للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقول أنت. وما صنعت أنا شيئاً إلا ما دفعت به ذلك الإفك الذي يفتريه الرصافي على رسول الله. فلو أنك تنازلت - أيها الكسول الكبير - فقرأت كتاب صاحبك الذي علق به على كتابيك، لما وقعت في هذا الخطأ الذي تكرر منك غير مرة، من اتهامك لي أنني آبى إلا أن أقحم الدين في الفلسفة. وأذكر أنني قبلت مبدأ إبعاد الدين عن وحدة الوجود حينما طلبت إلي أن تساجلني فيها. فرأيتك تهلع لقبولي هذا، ثم تصور لنفسك أنني أستدرجك، فتطلق للريح ساقيك فراراً غير كرار، زاعماً للناس أنني فيما يظهر، لا أنتوي إبعاد الدين والإسلام عن وحدة الوجود! ولكي تستر هذا الفرار، تخرج على الناس بآرائك الفلسفية المدهشة عن الموت والفضاء والسكون والزمان والمكان فتقع في أخطاء فتاكة، ليتك سترت نفسك فلم توقعها فيها، إبقاء على ماضيك العلمي المجيد، وسمعة كتبك القيمة التي لم تبال أن تتنكر لها مجاملة ذميمة لرجل حاول مجترئاً أن ينسخ عقائدنا وأن يعكس علينا ديننا

فوصيتي لك إذن ألا تستبيح ذلك اللون من الكذب الخفيف يا أخي لأنه غير خليق بك

وتلك نصيحة ثانية. . .

ووصية ثالثة أجترئ فأقدمها لك عسى أن تعمل بها. ذلك أنك تتعرض في مقالاتك لما لم تحسنه، بل لما لم تطلع عليه من كثير من العلوم. وكل الذين قرءوا كلمتك الغَزِلة السالفة عجبوا لك كيف لا تعرف الطريقة التي يتم بها تحجر الحيوان والنبات. فأنت تحسب أن مادتها تتحول إلى حجر. وهذا خطأ يحسن أن ترجع لتصحيحه إلى بعض مصادر هذا العلم الجميل، فإن تكاسلت، فاسأل أحداً في مصلحة الطبيعيات يشرحه لك

وبالمرة. . . يحسن لمن يدعي أنه بطل نظرية وحدة الوجود في هذا العصر والعصور التوالي أن يقرأ كتاباً واحداً على الأقل في كل من علم الفلك وعلم طبقات الأرض وعلم الحيوان وعلم النبات، ثم كتاباً واحداً في علم التطور أو النشوء والارتقاء، لتعلم أشياء كثيرة عن أسرار الحياة والموت وخلق العالم وتكون السدم وانفصال الكواكب وتكون القشرة الخارجية لأرضنا العزيزة، وما تتركب منه تلك القشرة وكيف غبرت عليها عصور جيولوجية متنوعة انتهت إلى العصر الذي أنجب لنا الصديق الأعز ومن سبق الصديق الأعز ممن يقولون مثله بأن الوجود إنما وجد هكذا مرة واحدة. . . بعجره وبجره!

لله ما اظرف دعاباتك يا دكتور زكي ما بعدت تلك الدعابات عن ليلى وأخت ليلى، وما لم

<<  <  ج:
ص:  >  >>