كان في هذا القوم شاب كندي ما جاوز العقد الثالث، جميل المحيا، عالم بفنون الحرب، فاتك في النزال، قوي الإيمان بنصرة الله عباده المخلصين، لا يعرف إلا الإقدام، يتقدم الجيوش والمنية مشهرة سهامها. ذلك هو الأمير (ضرار بن الأزور الكندي) الشاب الحدث الذي ما أغنى غناءه بطل في فتوح الشام إلا سيد القواد سيف الله خالداً.
وكان في الغازيات اللائي كن يتبعن هذا الجيش، كاعب عروب، ذات جمال باهر، وطرف فاتر، خرجت فيمن خرجن من عقائل حمير تأسوا الجرحى، وتعين على نصرة الحق. ولقد أبلت بلاء مغاوير الأبطال، فكان هذا الغزال الغرير ينقلب إلى أسد كاسر يصلي العدا ناراً حامية، يروع القلوب، وتجف من هوله الأفئدة، ولم لا وهي ابنة (الأزور) ذلك البطل الذي قضى بين يدي المصطفى دفاعاً عنه، وأخت ضرار صاحب فتوح الشام؟. . .
المسلمون يحاصرون دمشق وأهلها في أشد الضيق، وبينا المسلمون يكادون يظفرون بالقوم، إذا هم برسول من قائد جند أجنادين، يخبر خالداً أن الروم تجمعوا عليهم في أجنادين في عدد عديد، فيشاور خالد أبا عبيدة في ترك دمشق، فلا يرى ذلك أبو عبيدة فيقول خالد (فأرى أن ترسل إليهم كتيبة عليها قائد درب، وأرى أن ترسل إليهم يا أمين الأمة رجلاً لا يخاف الموت أبداً، خبيراً بلقاء الرجال، قد مات أبوه في القتال، فقال أبو عبيدة ومن ذلك يا أبا سليمان؟ قال هو ضرار بن الأزور بن طارق، فقال أبو عبيدة لقد صدقت ووصفت رجلاً باذلاً معروفاً).
استدعى خالدا ضراراً فقال له (يا أبن الأزور أريد أن أقدمك على خمسة آلاف، قد باعوا أنفسهم من الله عز وجل واختاروا دار البقاء والآخرة على الأولى، فقال ضرار (وا فرحتاه يا ابن الوليد، ما دخل قلبي مسرة أعظم من هذه. ثم يسير ضرار على يمن الرحمن، فلما بلغ أجنادين رأى جيش الروم ينحدر كأنه الجراد المنتشر، وهم غائصون في الدروع وقد أشرقت الشمس عليهم، فلمعت دروعهم، وخوذهم، فقال أصحاب رسول الله لضرار ما لنا