ولا يخفى ما في بيت أبي تمام من الجمال والعبقرية في السلخ مع حسن السبك!
والثالث: أخذ المعنى ويسير من اللفظ، وهو عند ابن الأثير من أقبح السرقات وأظهرها شناعة، وقد افتضح بهذا النوع البحتري خاصة، ووقع فيه أبو تمام كثيراً، مثل قوله:
فلم أمدحك تفخيماً بشعري ... ولكني مدحت بك المديحا
فقد سلخه من قول حسان:
ما إن مدحت محمداً بمقالتي ... لكن مدحت مقالتي بمحمد
وقول ابن الرومي:
جرعته العيون فاقتص منها ... بجوى في القلوب دامي الندوب
فقد سلخه من قول أبي تمام:
أدميت باللحظات وجنته ... فاقتص ناظره من القلب!
وسرقة ابن الرومي ظاهرة مفضوحة لا شك فيها، ويخفف من وزر السارق في نظر ابن الأثير أن يجيء بلفظ أحلى، أو معنى زائد فيه جمال. أما أن ينحط عن الأصل، فهذه هي الشناعة التي ما مثلها شناعة عنده!
- والرابع أن يؤخذ المعنى فيعكس. وهو حسن يكاد يخرجه حسنه عن السرقة، كقول أبي الشيص:
أجد الملامة في هواك لذيذة ... شغفاً بذكرك فليلمني اللوم
عكسه المتنبي فقال:
أأحبه وأحب فيه ملامة؟ ... إن الملامة فيه من أعدائه
- والخامس أخذ بعض المعنى، كقول أبي تمام:
تُدعي عطاياه وفرا وهي إن شهرت ... كانت فخاراً لمن يعفوه مؤتنفا
ما زلت منتظراً أعجوبة زمناً ... حتى رأيت سؤالاً يجبتني شرفا
أخذه من قول أمية بن أبي الصلت:
عطاؤك زين لامرئ إن حبوته ... ببذل، وما كل العطاء يزين
وليس بشين لامرئ بذل وجهه ... إليك كما بعض السؤال بشين
- والسادس هو أن يؤخذ المعنى فيزاد عليه معنى آخر، كقول ولد مسلمة: