للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أذُلَّ الحياة، وكره الممات ... وكلا أراه طعاما وبيلا

فإن لم يكن غير إحداهما ... فسيرا إلى الموت سيراً جميلاً

أخذه أبو تمام فقال:

مثَّل الموتَ بين عينيه والذلّ ... وكُلاً رآه خطباً عظيما

ثم سارت به الحميَّة قُدْما ... فأمات العِدا ومات كريما!

فزاد في المعنى: فأمات العدا ومات كريما

- والسابع أن يؤخذ المعنى فيكسي عبارة احسن من الأولى، وهنا تتجلى عبقرية أبي تمام. . . ولله من قال: من سرق معنى واسترقه، فقد استحقه: وإن كنا لا نشجع السرقة!! قال بعض الشعراء:

مُخَصّرة الأوساط زانت عقودها ... بأحسن مما زيّنتها عقودُها

أخذه أبو تمام فقال:

كأن عليها كل عقد ملاحة ... وحسناً وإن أضحت وأمست بلا عقد

وسطا عليه البحتري فقال:

إذا أطفأ الياقوت إشراقُ وجهها ... فإن عناءً ما توخت عقودُها

وكلاهما رقق المعنى وزاده حسناً

- والثامن أن يؤخذ المعنى ويوجز في سبكه، وهو عند ابن الأثير من أحسن السرقات كقول أبي العتاهية:

وإني لمعذور على فرط حبها ... لأن لها وجهاً يدل على عذري

أوجز فيه أبو تمام فقال:

له وجه إذا أبصر ... ته ناجاك عن عذري!

وقول بشارة:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيبات الفاتك اللهِج

أوجز فيه تلميذه سلم الخاسر فقال:

من راقب الناس مات غماً ... وفاز باللذة الجسور!

- والتاسع أن يكون المعنى عاماً فيجعله السارق خاصاً والعكس: كقول الأخطل

<<  <  ج:
ص:  >  >>