الصغيرة. . . وهل أقل من أن أكون جاهلاً؛ وألا أكون ناقداً لينجو مؤلف من حكم النقد العادل؟ إنها أيسر سبيل لتجريح هذا (الناقد) الذي لا يعرف كيف يتخلى عن وظيفته على الطريقة الساذجة المتبعة في المحاكم من (تجريح) أفضل الشهود للحصول على البراءة عن هذا الطريق!
ما علينا. فمنذ اليوم سنعطف على مثل هذه الهنات!
وحينما تصديت لعمل (الناقد) كانت لي طريقة معينة أؤدي بها هذا العمل، لا أرى بأساً من عرضها هنا لقراء (الرسالة):
إن عملي مع كل مؤلف هو وضع (مفتاحه) في أيدي القراء الذين يقرءون أعماله متفرقة، ولا يدركون القاعدة التي تقوم عليها هذه الأعمال، ولا يتعرفون إلى شخصيته المميزة الكامنة وراء كل عمل
وهذا (المفتاح) ضروري للتعريف بالأديب؛ وإلا كان النقد عملاً جزئياً ليس وراءه كبير طائل بالقياس إلى القراء. ونقد كتاب دون بيان السمات (الشخصية) التي تطبعه إنما هو عمل ناقص لا يؤدي إلى شئ في هذا الباب
لا بل إن هذا (المفتاح) ضروري للمؤلف نفسه لا لقرائه وحدهم. فكثير من المؤلفين لا يعرفون أنفسهم، ولا يلتفتون إلى خصائصهم. وهم يستفيدون من الناقد الذي يضع المرأة أمام وجوههم ليتبينوا فيها ملامحهم الأصيلة
وليس من وظيفة الناقد أن يغير من طيعة المؤلف التي فطر عليها. ولكن وظيفته أن يعرف هذه الطبيعة ويبلورها، ويقيس أعمال المؤلف بها، ويهديه إليها إذا ضل أو أنحرف في فترة من فترات الضعف والضلال!
وكلما تناول الناقد أحد المؤلفين مرة، يجب أن يصير هذا المؤلف (معرفة) لدى القراء: لا من حيث الشهرة والبروز، ولكن من حيث تميز الملامح، ووضوح الخصائص. فلقد يكون المؤلف ذائع الشهرة عند آلاف القراء؛ ولكنهم لا يدركون (من هو) على وجه التحقيق؛ ولا يعرفون (مفتاح) طريقته الموحدة في أعماله جميعاً
وأذكر أنني سرت على هذا المنهاج في كل ما كتبته حديثاً من فصول النقد. فلم يكن همي هو التعريف بالكتاب فحسب، بل التعريف بالكاتب أيضاً. وكانت سمات الكاتب العامة