وخصائصه الأساسية، هي التي تسترعي نظري، وتنال اهتمامي. وكان المؤلف في نظري إنساناً ذا طبيعة قبل كل شيء، ووظيفتي هي تصوير هذه الطبيعة. يستوي أن يكون المؤلف شاعراً أو باحثاً أو كاتب رواية أو قصة أو أقصوصة. فما يعنيني عنوان عمله بمقدار ما تعنيني طبيعة عمله
وعلى هذا الأساس تحدثت مثلاً عن أعمال تيمور، وأعمال المشتغلين بالرواية والقصة والأقصوصة من الكبار والصغار؛ وعن نزعته بين نزعاتهم، وعن المدرسة التي يمكن أن ينمي إليها بين مدارسهم. فأما الذين فهموا طريقتي، والذين يهمهم جوهر الطبيعة الفنية، فقد وافقوني أو خالفوني فاهمين، وأما الذين كل بضاعتهم مصطلحات وعنوانات، ولا يملكون أن ينفذوا من ورائها إلى جوهر الطبيعة الفنية؛ فقد راحوا يتعالمون ببضاعة من الفهارس والمعجمات!
إن الأديب يكون ذا طبيعة واقعية أو رمزية أو خيالية، ثم يكون شاعراً وكاتب رواية أو قصة أو أقصوصة، أو كاتباً اجتماعياً، أو باحثاً تاريخياً. والناقد المهتم بالطبائع الفنية، قد يتجاوز العنوان الذي يقدم به أعماله، ليبحث مباشرة في طبيعة هذه الأعمال، كما أنها قد يراعي العنوانات الظاهرية مع الطبيعة الداخلية زيادة في التبويب والتقسيم. حينما يقف الآخرون أمام هذه العنوانات لا يتجاوزونها إلى النزعة الكامنة وراءها. لأنهم محرومون من الفطنة إلى طبائع الأشياء!
أحب أن ينتبه قرائي إلى هذا الاتجاه.
وبعد؛ فالنقد ضريبة وتضحية! فما أحسب (الناقد) في الشرق العربي إلا خاسراً لو المسألة بالقياس إلى نفسه:
إنه لا يرضى أحداً إلا القليلين. وأنه لينفق من الجهد ليقول شيئاً ذا قيمة - أكثر مما ينفقه في أي فن آخر من الفنون الأدبية، فكتابة مقال تستأديه على الأقل قراءة كتاب، أو عشرة كتب أو عشرين في بعض الأحيان. لقد صنعتها حينما كتبت في (الرسالة) منذ عام أربعة فصول عن الدكتور طه حسين و (مدرسة الأسلوب التصويري) والأستاذ توفيق الحكيم و (مدرسة التنسيق الفني) والأستاذ المازني و (طريقة الحركة الحيوية) والأستاذ العقاد و (مدرسة المنطق الحيوي) ولقد كلفتني كل مقالة قراءة كل كتاب لهؤلاء الأربعة ومعظم ما