والناقد الذي يعجبه (تيمور) حين لا يعجبه (توفيق الحكيم) إنما تنقصه الحاسة التي تفرق بين النضج والفجاجة، أيا كانت النزعة التي ينزع إليها هذا أو ذاك، وأيا كانت الطريقة التي يسلكها. فالعمل الفني الناضج ينال مكانة، مهما تكن عيوب النزعة التي أملته والطريقة التي يسلكها، والعمل الفني الفج لا ينال هذا التقدير مهما تكن نزعته واتجاهه.
ليست المسألة أن هذا اللون يعجبك أو ذاك. ولكنها في الصميم، أن هذا أصيل أم زائف، وناضج أم مبتسر. وتلك مسألة لا تخفى معالمها على الناقد الأصيل
ويكون الإنسان قارئاً ومثقفاً، ولكن هذه الحاسة هبة تنميها الثقافة، وتعجز عن خلقها في النفوس
والدكتور مندور يبدع ويعجب ما ظل يتحدث عن المبادئ العامة، ولكن الزمام يفلت من يده عند التطبيق، فتختلط عليه الأصالة بالزيف والنضج بالفجاجة. وتستهويه بعض النزعات الأدبية دون بعضها، فيضله هذا الاستهواء كما حدث في نماذجه عن (الشعر المهموس) وفي حديثه عن (تيمور)
وهذه لا ينقص من قدر الدكتور مندور؛ فنحن في مرحلة بعد نقلة الثقافة فيها هم رواد الجيل.