هجاء في إفحاش بقصيدة منها:
أبعد أبي العباس يستعتب الدهر ... وما بعده للدهرُ عتبى ولا عذر
ألا أيها الناعي ذفافة ذا الندى ... تعست وشلت من أناملك العشر
ولا مطرت أرضاً سماء ولا جرت ... نجوم ولا لذت لشاربها الخمر
كأن بني القعقاع بعد وفاته ... نجوم سماء خر من بينها البدر
توفيت الآمال بعد ذفافة ... فأصبح في شغل عن السَّفر السَّفْر
وما كان إلا مال من قل ماله ... وذخراً لمن أمسى وليس له ذخر
قال أبو محمد: أنشدني دعبل هذه القصيدة ثم جعل يعجب من أبي تمام في ادعائه إياها وتغييره بعض أبياتها!
وقصيدة أبي تمام التي يقصدها دعبل هي مرثيته الخالدة التي رثى بها محمد بن حميد الطوسي ومطلعها:
كذا فليجل الخطب، وليفدح الأمر ... فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
والتي قهر بها أبو تمام أعداءه، بما أبدع فيها من معان، أقلقت بال دعبل، وسهدت جفنيه، فأخذ أبياتا من مرثيه أبي سلمى المزني في زفافه، وخلط بها روائع أبيات أبي تمام، ولا سيما:
توفيت الآمال بعد محمد ... وأصبح في شغل عن السفر السفر
وما كان إلا مال من قل ماله ... وذخراً لمن أمسى وليس له ذخر
كأن بني نبهان يوم وفاته ... نجوم سماء خر من بينها البدر
ثم جعل يشنع بها على أبي تمام. . . ولو فطن إلى سرقات أبي تمام التي وقع عليها الآمدي في هذه المرثية، والتي أشرنا إلى بعضها في هذه الكلمة لكان خيرا له من ذلك التلفيق.
وفي أخبار أبي تمام للصولي (ص٢٠١) أن محمداً بن موسى حدث بذلك الحسن بن وهب فقال: أما قصيدة مكنف هذه فأنا أعرفها، وشعر هذا الرجل عندي، وقد كان أبو تمام ينشدنيه، وما في قصيدته شيء مما في قصيدة أبي تمام، ولكن دعبلا خلط القصيدتين، إذ كانتا في وزن، وكانتا مرثيتين، ليكذب على أبي تمام!!
وعلى هذا فليس في ذلك نسخ كما وهم بعض نقاد أبي تمام ومنهم الآمدي.