وينظر إليها نظر الملأ الأعلى سواء أكانت قريبة أم بعيدة في الجنس أو الدين والقومية.
حيي يستحي من الناس فينالون منه بحيائه ما يرهقه في بعض الأحيان. ومع ذلك لا يتململ، فهو كالنهر الكبير يأتي إليه كل وارد فلا يرده ولو كان كلباً. . . لأنه واسع طهور لا يتنجس. . . مجمع على حبه من جميع الأحزاب والأجناس والأديان فليس له فيما أظن عدو بالمعنى المعروف للناس. .
متواضع ليس لديه فروق مصطنعة في معاملة الناس، يملكه الفقير الضعيف المحدود ويأنس به.
زاهد حقيقي في دنيا الناس وزينتها، فلا يهتم بصغائر اللباس والرياش. وحظه من الدنيا حظ قليل لم يجد لديه من الوقت ما يتذوقه. .
حليم لا يثور ولا يؤذي عشيرة بجارحة، ولا يحب السيطرة والتحكم، مع ثقة بالنفس واعتزاز بالكرامة في عدم تبجح أو ادعاء أو تظاهر.
ليس به لهفة على شيء مهما كان. فهو دائماً هادئ الأعصاب، وإن كان كثير الآلام الاجتماعية، عميق الأحزان المقدسة في الدين والوطنية والقومية
الخير عنده واضح المسالك، فلا تأويل ولا عذر يصرفه عنه ويصد قلبه عن مقتضيات البر والإحسان. . كأن لكل قاصدته عليه حقا لازماً يلام إذا قصر في أدائه، وطالما عجبت لصبره على رجاوات الناس، فهو كنز من الصبر والاحتمال لا ينفذ، أو هو كالشجرة المثمرة المباحة القريبة الجني، لا ترد يداً عن قطاف. ما عرفه أحد من الناس إلا وأمسك بتلابيبه وعض على علائقه معه بالتواجد! فإن كان من أهل العلم وجد عنده علما وفقها بلباب الحياة وبصرا في شئونها وعلومها. وإن كان من أهل السياسة وجد لديه بصيرة ملهمة تنفذ إلى بواطن الأمور وتشير إلى مصادر الأحداث، وتضع يدها على ما غاب عن أكثر الأذهان، وإن كان من أهل السلوك والخلق وجد عنده فهماً له وتقديراً ورفعاً لشأنه وتشجيعاً واسع المدى. وإن كان من أهل الشر الذين لا يؤمنون بالخير وجد في شخصيته وسلوكه رداً ونقضاً بليغاً على دعواه يحمله على أن يرجع النظر كرتين فيما رأى لنفسه وما اتخذه من مسالك الشر.
إنه يرفع الحياة الإنسانية ويرسم المثل الأعلى أمام (الماديين) وأمثالهم حتى يتيقظو إلى أن