للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نحن بصدده من تحليل النثر في ذلك العهد

قال المهدي في رسالة له: (قد اجتمع السلف والخلف في تفويض العلم لله، فعلمه سبحانه وتعالى لا يتقيد بضبط القوانين ولا بعلوم المتفننين، بل يمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء وعنده أم الكتاب. قال تعالى: (لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) و (عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) و (لا يسأل عما يفعل) و (يخلق ما يشاء ويختار). وإليكم نص البيعة التي بايعه عليها أنصاره الكرام (بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الوالي الكريم، والصلاة على سيدنا محمد وعلى آله مع التسليم، أما بعد فقد بايعنا الله ورسوله، وبايعناك على توحيد الله، وألا نشرك به أحداً، ولا نسرق ولا نزني، ولا نأتي ببهتان، ولا نعصيك في معروف، بايعناك على زهد الدنيا وتركها، والرضى بما عند الله رغبة فيما عند الله والدار الآخرة وعلى ألا نفر من الجهاد)

وكان للمهدي شعراء أفذاذ، نذكر منهم الشيخ عمر البناء، فقد كان شاعراً بليغا قوي الديباجة، رصين المعاني، له قصائد مشهورة أذيعها

الحرب صبر واللقاء ثبات ... والموت في شأن الإله حياة

ولولا ضيق المقام لأوردنا الشيء الكثير غيرها. والشعر في ذلك الحين كان يقوم مقام الخطابة عند العرب؛ مدح للمهدي وتشجيع لأنصاره وحملة على أعدائه - ومن ثم كانت دائرته محدودة، ونظرته ضيقة

ثم انقضت المهدية وجاءت الحكومة الحاضرة، واتصل أدباء السودان وشعراؤه بالعالم الغربي الحديث فنشأت مدرستان في الأدب: قدماء ومحدثون

أما المدرسة الأولى فنهلت من مناهل الأدب العربي القديم، ورشفت على وجه خاص من موارد العباسيين، وعاصرت شوقي وحافظ عند المصريين

وأما المدرسة الثانية فتأثرت بالأدب المصري الحديث أول ما تأثرت ثم تشربت روح الغربية، واهتزت لشعراء وأدباء المهجر

وفي طليعة الأوائل الشيخ عبد الله عمر البناء والأساتذة أحمد محمد صالح، وصالح عبد القادر

وفي طليعة الأواخر: للتيجاني يوسف بشير ومحمد عثمان محجوب والمرضي محمد خير

<<  <  ج:
ص:  >  >>