فقد طفت في شرق البلاد وغربها ... وسيرت خيلي بينها وركابيا
فلم أر فيها مثل بغداد منزلاً ... ولم أر فيها مثل دجلة واديا
ولا مثل أهليها أرق شمائلاً ... وأعذب ألفاظاً وأحلى معانيا
وكم قائل: لو كان ودك صادقاً ... لبغداد لم ترحل فكان جوابيا:
يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم ... وترمى النوى بالمقترين المراميا
روى هذه الأبيات أبو بكر الخطيب عن أبي القاسم علي بن المحسن القاضي التنوخي ورواها التنوخي عن ناظمها سماعاً بحضوره وإنشاداً من فيه، ومن طريف ما نذكر هنا أن أبا حيان التوحيدي لما مدح الوزير أبا عبد الله بن سعدان العارض، ذكر له إنه ممن يعتد به في مقامات المساجلة ومواطن المفاخرة وأنه يكابد به أصحابه ببغداد ويقول لهم: هل كان في حسبانكم أن يطلع عليكم من المشرق من يزيد ظرفه على ظرفكم، ويبعد بعلمه عن علمكم، ويبرز هذا التبريز في كل شيء تفخرون به على غيركم؟)
وآخر ما ننقل للقارئ شهادة أديب كبير وعلامة خطير ومنشئ بارع وشاعر مجيد وكاتب مجود ومؤرخ ذي يد باسطة في تحرير التراجم والأخبار، وهو عماد الدين الأصفهاني فانه قال في ترجمة أبي الفتح محمد بن محمد بن عمر الأديب الكاتب: (لم يكن في عصرنا أكتب منه، تبحر في أدبه، وتطرف في مذهبه. . . وله شعر كثير وديوان كبير، ولم يختلف له نظيراً. . . وعلى نظمه طلاوة بغدادية وحلاوة عراقية فمنه.
قام بالعذر في هواك العذار ... فسلوى عن حسن وجهك عار