(المجد كالمال، فيه حرام وحلال)، ثم يذكر أنني نسبت هذه الكلمة الطيبة إلى الشيخ يوسف الدجوي في بعض المقالات التي كنت أرسلها إلى جريدة البلاغ أيام إقامتي في باريس، ويرجو أن أجلو له وجه الحقيقة حتى لا يقع في الاضطراب بين الأقوال وأصحاب الأقوال
وأقول بعبارة صريحة إن هذه الكلمة الطيبة هي كلمة أستاذنا الشيخ يوسف الدجوي، وقد تلقيتها عنه في معرض النصح يوم رآني أجادل خصومي بعنف وأنا أدفع عدوانهم على الآراء التي دونتها في كتاب (الأخلاق عند الغزالي)
وقد انتفعت بهذه الكلمة فجعلتها شعاري في الجهاد العلمي، بحيث صرت أؤمن بدون وعي بأنها من كلامي، لأنها اتصلت أوثق الاتصال بروحي وعقلي، ولو كان الشيخ الدجوي يخطر في بالي عند الافتخار بهذه الكلمة الطيبة لأسندتها إليه مفتخراً بأني كنت تلميذه فيما سلف من أيامي
ثم أقول إني قرأت للأستاذ منصور جاب الله مقالات ظفرت بإعجابي، ولكن مقاله الوجيز في مجلة الرسالة فاق تلك المقالات، لأنه أتاح لي فرصة ذهبية، هي فرصة التنويه بمكانة أستاذنا الشيخ يوسف الدجوي، أطال الله في حياته وأسبغ عليه نعمة العافية
أما بعد فقد كانت النية أن أكتب لمجلة الرسالة مقالاً أفصّل فيه ما وقع بيني وبين هذا الشيخ الجليل من خلاف كان السبب في أن أحرم من صحبته عدداً من السنين، وهو خلافٌ طريف، لأنه يتصل بآراء لو نشرت لكانت من أجمل الميادين التي تصطرع فيها العقول
وأعترف بأن حجة الشيخ أقوى من حجتي، لأنه أصدق مني، فأنا مجادل، وهو مؤمن، والإيمان أقوى من الجدال
أنا أحب أن ألقى الشيخ لأستأذنه في نشر ما دار بيني وبينه من مصاولات، ولكن أين الوقت، وبين داري وداره أميال وأميال؟
لم يبق إلا أن أقول إن هنالك تاريخاً مجهولاً، وهو أن مشيخة الأزهر دعت أستاذنا الشيخ الدجوي إلى تأليف كتاب يشرح أصول الإسلام للأقطار الأمريكية، فألف الكتاب، ولكنه لم يجد المترجمين
لن تُعرف قيمة أستاذنا الشيخ يوسف الدجوي إلا بالرجوع إلى نضاله الديني في البلبلة التي أوجبتها الحرب الماضية