خشبة، وهو يدل على أنهم يجهلون اختلاف علماء الإسلام في القرآن، هل هو المعنى، أو المعنى واللفظ معاً، وأنه ذهب فريق منهم إلى أن القرآن هو المعنى القائم بذات الله، دون الألفاظ، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:(نزل به الروح الأمين على قلبك) ولم يقل على سمعك، حتى أن الإمام أبا حنيفة أجاز قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة، ثم إن هؤلاء اختلفوا في ألفاظ القرآن لمن هي، فمنهم من قال بأنها لرسول الله، ومنهم من قال بأنها لجبريل، ومنهم من قال غير ذلك كما هو مسطور في كتب العقائد الإسلامية
وأما الفريق الثاني فذهبوا إلى أن القرآن هو المعنى واللفظ معا، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:(وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) والنطق يشمل المعنى واللفظ معاً، وأجاب الفريق الأول بأن (هو) في قوله: (إن هو إلا وحي يوحى)، عائد إلى القرآن، لا إلى المصدر المفهوم من (ينطق)، وإذا كان الأستاذ خشبة لم يطلع على هذا، فليقرأ ما كتبه الإمام السيوطي في الإتقان على الأقل
وعلى كلا القولين لكلا الفريقين، لا يلزم من قول الرصافي (قال محمد في القرآن) كونه من تأليف محمد، أما على القول الأول فلأن التأليف يشمل المعنى واللفظ معاً، ولا يكون اللفظ فقط، والقرآن هو المعنى الموحى من الله على قول هؤلاء، فيكون معنى قولنا (قال محمد في القرآن) عبر محمد عن المعنى الموحى إليه من الله. وأما على القول الثاني، فظاهر، لأن قول محمد هو قول الله، بدليل (وما ينطق عن الهوى إن هو وحي يوحى)
٣ - ومن شتائم الأستاذ خشبة للرصافي قوله: بأن الرصافي لا يرى معنى للبعث الذي يؤمن به المسلمون وجاء به القرآن الكريم
فنقول سبحانك هذا بهتان عظيم، إن الرصافي إنما قال عند الكلام عن البعث:(أما مسألة بعث الموتى بأرواحهم وأجسادهم، فلم أقف على كلام للصوفية في تخريجه على مذهبهم وتوجيهه) قال: (والذي أراه إنه معتقد صرف لا يقوم إلا بالإيمان، وأن ليس للعقل فيه مجال، ولا يخفى أن الإيمان بالغيب، يتسع لأكبر منه وأبعد) قال: (ومن العبث إقامة الأدلة العقلية على أمور لا تقوم إلا بالإيمان في جميع الأديان، وليس الدين إلا إيماناً بالغيب، كما جاء في القرآن (يؤمنون بالغيب فالإيمان بالغيب هو أساس الأديان كلها)
وإنما قلنا إنه ليس للعقل فيه مجال، لأن العقل البشري، عاجز عن أن يدرك قيام الموتى