للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من قبورهم شعثاً غبراً، ينفضون التراب عن رؤوسهم، إلى ربهم ينسلون

أما أنا فأعترف للناس أجمعين بأن عقلي عاجز عن إدراك حقيقة البعث على هذا الوجه، وإن آمنت به، فإن كان عقل الأستاذ خشبة، يستطيع أن يقيم لنا الأدلة العقلية والعلمية على ذلك، فليتفضل، فنحن له من الشاكرين، وبهديه من المهتدين

ولكن كيف يستطيع ذلك، وهو ينادي بأعلى صوته أنه مؤمن بالله وبرسوله إيماناً ساذجاً كأيمان العجائز، ولو كان في استطاعته إقامة الأدلة العقلية على البعث، لما كان إيمانه كإيمان العجائز، ذلك الإيمان التقليدي الذي يزلزله أدنى شك، ويزعزعه أقل ريب

وإلى القراء بعض فقرات مما كتبه الرصافي عند كلامه على البعث، قال:

(وإن كان البعث مما لا تدركه العقول، فإن الإيمان به معقول ومقبول، ذلك لأن الغاية المقصودة منه، هي اعتقاد المؤمن بيوم الدين، الذي هو يوم الحساب والجزاء، ذلك اليوم الذي يجازى فيه المحسن، ويعاقب المسيء، ولا ريب أن الإنسان إذا كان مؤمنا بيوم الدين إيماناً صادقاً، اجتنب الشرور، وكف عن العدوان، وبذل الجهد في الأعمال الصالحة، وهذا هو كل ما تريده جميع الأديان في كتبها السماوية، وجميع الحكومات في قوانينها الأرضية). قال: (وعليه، فلا حرية في أن الأيمان بالبعث، يكون من أهم الوسائل المؤدية إلى السعادة في الحياة الدنيا، لأن المؤمن به، وبيوم الجزاء، يستحيل عليه عقلاً وعادة، أن يرتكب الشرور، وأن يعمل غير الصالحات، ومتى كان كذلك، كان صالحاً للحياة الاجتماعية بكل ما اشتملت عليه من حقوق وواجبات)

ثم قال: (وتالله إني لا أرى في الوسائل العلمية والأدبية، وسيلة تؤدي إلى إصلاح الإنسان في حياته الاجتماعية، أنفع، ولا أنجع، ولا أروع من إيمانه بيوم الجزاء المترتب على إيمانه بالبعث، ولا ريب أن الفضل كله في ذلك، راجع إلى دين الإسلام القائل بالبعث دون غيره من الأديان)

هذا ما قاله الرصافي في رسائل التعليقات من الكلام الذي أعرب فيه عن كل هذه المعاني السامية، ولكن الأستاذ خشبة يقول إن الرصافي لا يرى للبعث معنى فإنا لله وإنا إليه راجعون

أنشدك بالله أيها القارئ الكريم، هل في هذا الكلام ما يدل على أن قائله كافر بالبعث، وهل

<<  <  ج:
ص:  >  >>