ومنهم عقيل بن أبي طالب أخو الإمام علي؛ وقد اجتمع له من علم النسب وأيام العرب شيء كثير.
ومنهم عبد الله بن العباس ابن عم النبي عليه السلام، وأبو الخلائف من الدولة العباسية. وكان فقيهاً عظيماً. وبلغ من فقهه أن الخليفة عمر كان يستشيره في مسائل الفقه. هذا إلى وضوح في الحجة، وجهارة في الرأي، وقوة في البرهان.
وليس في الدنيا من يشتهي العمى ويطلبه، فهو شيء بغيض إلى النفوس؛ حتى ليدعي به على المكروه، ولكن شاعراً واحداً تمناه لنفسه فكان له ما تمنى. . .
أما الشاعر فاسمه المؤمل بن أميل؛ وأما قصته فكما يأتي: -
أحب امرأة من الحيرة، ورآها فجنت عليه نظرته إليها فقال: -
شفَّ المؤمل يوم الحيرة النظر ... ليت المؤمل لم يخلق له بصر
فما عتم طويلاً حتى تحقق ما تمناه، وضاعت منه عيناه. . .
ولم يبلغ أحد في الأدب العربي كله منزلة أبي العلاء، وهو في الشعر من هو. أما في التأليف فقد عد له المرحوم تيمور باشا أربعة وسبعين كتاباً؛ ليست مثل كتب السيوطي. . . ولكنها مثل (رسالة الملائكة) و (الفصول والغايات) و (رسالة الغفران).
استعمل العمى في القرآن بمعنى الضلالة والحيرة. وذلك شر أنواع العمى. أما فقد البصر فقد يخففه ويغني عنه تفتح البصيرة وتنور القريحة. ونحن نجد الآن بعض المكفوفين يفوقون المبصرين إدراكاً للأمور وخوضاً في المعترك الحيوي، وهم ليسوا كمكفوفي الأمس يخلدون إلى الدعة ويلتزمون المحابس في دورهم، ولكنهم يشتركون في الحياة العامة.
فالسير فرنسيس كامبل حصل على أعلى درجة من جامعة جلاسجو وهو أعمى. وكافح في الحياة، واحتل مكاناً بارزاً في الحياة الاجتماعية بإنجلترا حتى استحق لقب (سير) وهو به جدير.
والسيدة هيلين كيلر لم يمنعها العمى من التأليف المجدي في علم النفس ودرس نفسيات الأطفال. وكتاباها حجة في هذا الموضوع.
والشاعرة الفرنسية مدام جاليرون دي كالون لم يعطل العمى مواهبها في الشعر وبراعتها في الخيال. وهي تعبر عن ذلك في قصيدة لها عنوانها (ماذا بهم؟) تقول منها: -