وفي سنة ٢٤٧هـ سنة موت المتوكل ظهر في الشرق يعقوب بن الليث الصفار وهزم جند الخليفة أول الأمر وقال (كما يروي نظام الملك) أنه يريد خلع الخليفة، وكان شيعيا فيما قال، وخلفه أخوه عمرو إلى أن استنجد الخليفة المعتمد بني سامان فهزموه وأزالوا دولته.
والفرس يرون في يعقوب بطلا فارسيا لأنه أول ثائر على الخلفاء. أقام سلطانه على رغمهم اكثر من أربعين عاما. وقد سوغت لهم هذه العقيدة أن نسبوا إلى طفل ليعقوب أنه نطق بأول بيت من الشعر الفارسي الحديث، وفي الحق أن بلاد الفرس لم تعد إلى حكم الخلفاء الحقيقي بعد ثورة يعقوب.
ولكن أول دولة فارسية عظيمة لها أثر يذكر في الأدب الفارسي كانت الدولة السامانية. والسامانيون ينتسبون إلى بهرام جوبين أحد أعيان الفرس الذي ثار أيام الساسانيين على كسرى برويز، والبيروني يؤيد هذه النسبة. وقد بعثت الآداب الفارسية مع هذه الدولة (فيما نعلم).
وبينما كان السامانيون متسلطين في خراسان وما وراء النهر ظهر بنو بويه وعظم سلطانهم حتى استولوا على بغداد سنة ٣٣٤، وساقوا نسبهم إلى بهرام كور أحد ملوك السامانيين؛ وما زالوا يصرفون الأمر حتى أديل منهم للغزنوية ثم للسلاجقة.
ظهرت دولة بني سبكتكين في غزنه وأديل لهم من سادتهم السامانيين أو (كما يقول بديع الزمان):
أظلت شمس محمود ... على أنجم سامان
وسبكتكين تركي لا فارسي ولكنه مكَّن لنفسه في بلاد الفرس، وكان لدولته شأن عظيم في آدابهم. وجاء السلاجقة فنسخوا كل هذه الدول، وكان لهم من السلطان وبسطة الملك ما لم يتح لدولة قبلهم من غير الخلفاء؛ وكان مه هؤلاء أو بعدهم دول ذات شأن: منها الدولة الزيارية في طبرستان التي منها شمس المعالي قابوس بن وشمكير وابنه منوجهر فلك المعالي وحفيده كيكاوس عنصر المعالي، ودولة ملوك خوارزم الصغيرة التي قضى عليها محمود، وملوك خوارزم العظام الذين تسلطوا على معظم إيران قرناً وربع قرن والذين كانوا سببا في إغارة التتار وكانوا أول هلكاهم، والدولة الغورية التي قضت على الغزنويين