أو جواباهما - أحدهما مكان الآخر، زال الاختلاف واتسق الكلام
ونستطيع أن نتبين وجه الحق في هذا الموضوع من طريق آخر: طريق رد النظائر في النص بعضها إلى بعض، لننظر على أي الوجهين يمكن أن يستقيم الكلام كله في نفسه ووفق رأي الياقلاني في تقسيم ما هو على هيئة السجع من الكلام
لقد قسم الباقلاني ما هو على هيئة السجع إلى قسمين في صدر النص: قسم يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع، وقسم يتبع اللفظ فيه المعنى. ولا خلاف في المقصود من هذين القسمين فأولهما للفظ فيه الاعتبار الأول، وثانيهما للمعنى فيه الاعتبار الأول
هذا القسمان قد أشار إليهما الإمام الباقلاني في بقية النص مرتين: الأولى في قوله (وفصلٌ. . دون اللفظ) والثانية في قوله (ومتى ارتبط المعنى بالسجع. . . دون تصحيح المعنى)
ففي الأولى ذكر صنفين من الكلام: كلام منتظم في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود فيه - وواضح أن هذا مراد به القسم الثاني الذي يتبع اللفظ فيه المعنى - وكلام يكون المعنى فيه منتظماً دون اللفظ ولا محيص من رد هذا إلى القسم الأول الذي يتبع فيه المعنى اللفظ. ويتبين بأدنى تأمل أن الوصف كما هو لا ينطبق على القسم الذي يجب رده إليه، لأن الوصف يذكر كلاما غير منتظم اللفظ منتظم المعنى، والقسم الأول على عكس ذلك تماماً: منتظم اللفظ لأنه قصد فيه إلى السجع، غير منتظم المعنى لخضوعه للفظ وتبعيته له. فلا يمكن أن يكون الباقلاني أراد هذا. فما تعليل الخلف؟ لا شيء إلا أن كلمتي (المعنى)(واللفظ) حلت إحداهما لسبب ما محل الأخرى في الوصف. هذا هو أبسط تفسير ممكن. وإذن يجب أن تكون حقيقة الوصف هي (أن يكون اللفظ منتظما دون المعنى) حتى ينطبق على أول القسمين اللذين قسم إليهما الباقلاني ما هو على هيئة السجع من الكلام
لننظر الآن في الإشارة الثانية إلى نفس القسمين. أشار الباقلاني إلى أحدهما بقوله (ومتى ارتبط المعنى بالسجع) وإلى الآخر بقوله (ومتى ارتبط المعنى بنفسه دون السجع). فإلى أي القسمين ترجع كل من الإشارتين؟ إن من الواضح أن الإشارة الثانية راجعة إلى القسم الثاني الذي يتبع اللفظ فيه المعنى، وإذن تكون الإشارة الأولى راجعة إلى القسم الأول الذي يتبع المعنى فيه اللفظ ويكون للفظ فيه الاعتبار الأول. ليس عن ذلك محيص
من هذا يتبين أن معنى قول الباقلاني (ومتى ارتبط المعنى بالسجع) أي متى جاء تابعاً