في كثير من المتناقضات. فهو أولاً قد قال إن الجرمان هم أرقى البشر، لأنهم ثمرة لخير امتزاج تم بين (الأجناس النبيلة) ولكنه قال إن جلائل الأعمال إنما هي وقف على أهل (الأجناس النقية الخالصة). ثم عاد بعد ذلك فقال إن من الممكن أن يتغير الجنس، لا عن طريق امتزاج الدماء فحسب، بل أيضاً عن طريق الاتصال الاجتماعي بشعوب ذات (عقلية بدائية)!
ولكن شمبرلين لم يحفل بهذه المتناقضات، فإن ما كان يعنيه هو أن يجد أسطورة يستلهمها مبدأ العنصرية الذي يدعو إليه، أما التوافق المنطقي، فهذا ما لم يكن يعنيه في كثير أو قليل
والأجناس البشرية - في نظر شمبرلين - مختلفة أشد الاختلاف، إن في الخلق والصفات، أو في القوى والملكات.
وقد ترتب على هذا الاختلاف أن أصبح هناك جنس راق يتميز بصفات (فطرية) سامية، وجنس منحط يتميز بصفات (فطرية) وضيعة. ومن بين الأجناس المنحطة التي تنتسب إلى النوع الأخير (فيما يرى شمبرلين) الجنس (اليهودي)
فاليهود هم الشعب الذي لم يستطع يوماً أن يعيش على وفاق مع أي شعب آخر، ومن أجل ذلك فقد ظلوا دائماً أبداً (شعباً غريباً أجنبياً بين كل الشعوب). ولقد استجاب الأوربيون لداعي المحبة والصداقة، ففتحوا الأبواب أمام اليهود؛ وعندئذ لم يلبث اليهود أن اندفعوا كما يندفع العدو المنتصر، فاكتسحوا كل المناصب، واستلبوا جميع المراكز، ثم رفعوا من بعد أعلامهم التي هي غريبة عنا كل الغرابة. . . وأينما تركت القوة لليهود، فانهم لابد أن يسيئوا استعمالها. . . أليس اليهود هم ذلك الشعب الذي جعلت منه طبيعته جنساً ميالا إلى الربا والطمع، في حين أن شريعة موسى تحرم الربا تحريماً قاطعاً؟. . . (إن اليهودي لهو من الكراهية إلى الرجل الأوربي، بحيث أن الأطفال الصغار الذين لم تؤثر الحضارة بعد في نفوسهم ليقدرون أن يشموا رائحة اليهودي عن بُعد!)
هذه هي الأفكار الرئيسية في مذهب شمبرلين، ولسنا في حاجة إلى أن نبين للقارئ ما فيها من أخطاء علمية، وأغلاط تاريخية؛ وإنما الذي نريد أن نلفت نظر القارئ إليه، هو أن قوة الفكرة لا ترجع إلى صدقها أو مطابقتها للواقع، وإنما ترجع إلى ما فيها من قدرة على التأثير. وكثيراً ما تكون الفكرة الخاطئة نفسها، قوة كبيرة توجه شعوباً بأكملها فتنقاد