للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عظيم قد أعجب بقصصي وما أحسبني الآن إلا قادراً على إتمام القصة) ثم أشرقت في نفسه السعادة،.

وفي الغداة طار السنونو إلى مرفأ المدينة وجلس إلى سارية سفينة فأشرف على الحمالين وهم يجتذبون الصناديق الثقيلة وقد شدوها إلى الحبال، وألقي إليهم السمع وهم يصيحون جماعات كلما اجتذبوا صندوقاً فصاح بهم السنونو وقال (أنا طائر إلى مصر) فلم يحفل به أحد، ثم طار في ضوء القمر إلى الأمير السعيد وقال (جئت الآن لأستودعك الله) قال الأمير (هل لك أن تبقى معي الليلة؟) قال (نحن في زمان الشتاء وسيشتد البرد بهذه المدينة ومالي بها بعد اليوم مقام. سأطير إلى مصر فأنعم بشمسها الحارة تنصب على رءوس النخل الأخضر، وأسعد برؤية تماسيحها، وقد اطمأنت إلى أرض رخوة واستمرأت الكسل، ودارت عيونها تبصر ما حولها، وما أحسب رفاقي إلا جادين في اتخاذ أعشاشهم في معبد بعلبك، ترقبهم أعين الحمامات الرقطاوات تتناجى بأعذب الأنغام، أيها الأمير العزيز لست بعد اليوم مقيماً، وما أنسى فضلك وجودك، وسأعود إليك في الربيع وفي فمي جوهرتان جميلتان أعوضك بهما عن الجوهرتين اللتين جدت بهما، ستكون إحداهما أشد حمرة من الورد، والأخرى أشد زرقة من البحر.).

قال الأمير (هنا في الميدان فتاة تبيع أعواد الكبريت، ولقد سقطت الأعواد من يدها وأصابها البلل فما تصلح للبيع، وستلقى الفتاة من أبيها نصباً، وإني لأرها باكية، وأراها حافية القدمين حاسرة الرأس،. . اقتلع عيني الأخرى وجد بها عليها عل أباها يعفيها من سوط عذابه) قال السنونو (أما البقاء معك هذه الليلة فنعم، وأما ما تأمرني به فلا! أتحسبني لا أعصيك في هذه فأقتلع عينك فتصبح مكفوفا!!) قال الأمير (بل لا تعص لي أمراً). . . فما عصاه. . .!

وطاف فوق رأس الفتاة وأسقط الجوهرة في يدها. قالت (ما أجمل هذه الزجاجة! وسارعت إلى بيتها ضاحكة مستبشرة،) وعاد السنونو إلى الأمير وقال له (أما الآن فحق علي البقاء معك، فقد أصبحت كفيفاً ولا غنى لك عني!) قال الأمير المسكين (بل ارحل إلى مصر) قال السنونو (ما بي إلى الرحلة حاجة، ولن أبرح مقامك) وطوى رأسه تحت جناحيه واستكن بين قدمي الأمير)

<<  <  ج:
ص:  >  >>