للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومن اختلاف الموطن والعيشة والموروث المستقر في أعماق الجسم والنفس، والمكتسب المتنوع تنوع عوامل التطور الباطنية والخارجية. فما (وحدة الأساليب في شتى فروع الحياة) إلا شيء خيالي. وإن جاز أن يتمنى هذه الوحدة وأمثالها آخذ بالظواهر الجزئية القريبة، في عجلة ومبالغة، فالنهج إلى الحقائق البشرية هو النظر في الأسباب الفطرية والعلل الجوهرية. أما الإسبيرانتو فلغة اصطلاحية وضعها زامنهوف الطبيب، اللغوي، الروسي، سنة ١٨٨٧، تسهيلاً للعلاقات بين الأمم، والمقاطع الأصلية في هذه اللغة مأخوذة من أكثر المقاطع تداولاً في أكثر اللغات شيوعاً؛ وهي تكتب طبقاً للصوت في النطق؛ ونحوها بسيط محصور في ست عشرة قاعدة؛ ومع ذلك، فكم من الخلق ومن القائمين بشؤون الأمم استعملوا هذه اللغة بل عرفوها في السبع والخمسين السنة الماضية؟ كلا، إن حجة الإسبرانتو هي حجة على رأي المحتج بها وليست له. وأما الترك الجادون في إحياء قوميتهم، بإحياء تاريخهم ولغتهم، فلم يصطنعوا الكتابة بالحروف اللاتينية ليهملوا التركية التي يتوخون تصفيتها من الدخيل فيها. ومن أراد من المصريين استعمال هذه الحروف لم يقصد سوى المحافظة على اللغة العربية الصحيحة، أصاب أو لم يصب في اقتراحه. أما وحدة الزي، على فرض أنها قد تتحقق، فإنها تظل شيئاً سطحياً ليس يقوى على تغيير ما هو خاضع للسنن الطبيعية في القلوب والعقول. ولو تحققت هذه الوحدات جميعا لأصبح الناس كالآلات التي تخرج من المصنع على غرار واحد، ولابد من استحالة الفطرة البشرية قبل أن تحصل هذه الوحدة

تبين، فيما تقدم من البحث، ضعف (القوى) و (الأبلغ) من أدلة الدكتور على أن السلام (قريب الأمد). وبقي إنه خرج منها بقوله: (من العوامل القوية في منع الحروب وتحقيق السلام - بعد توحيد العالم على النحو الذي وصفنا وقوعه في المستقبل):

أولاً: إن (العالم يسير الآن نحو خطة جديدة يرمى بها إلى نزع السلاح)

لكن كليمنصو، وهو من علمت، يعترض إذ يقول: (الأخير هو أن تنظر ملهاة (نزع الأسلحة) الزائف في نفس الساعة التي تتسع فيها صناعة هذه الأسلحة اتساعاً جنونياً)

وقال لوي ده لنه، عضو مجمع العلوم الفرنسي، بشأن ما تلا الحرب الماضية من المؤتمرات: (منذ مدة، راجت مؤقتاً مؤتمرات السلام والأحلاف المقدسة. وهذه حال دورية

<<  <  ج:
ص:  >  >>