ويقول الدكتور: ظهر عامل جديد (سيقلب كيان الإنسانية كلها) و (هو سرعة المواصلات البرية، والبحرية والجوية)
وويلز يقول، في مقدمة كتابه:(أدنت البشر بعضهم من بعض لخيرهم أو لشرهم رسائل مواصلات أسرع). ويقول في كتابه:(لما كان جبون، من نحو قرن ونصف، يهنئ الجمعية اللطيفة في ذلك العصر بخاتمة طور الثورات السياسية والاجتماعية الكبرى، كان يهمل أكثر من أمارة تبدو لنا اليوم، في ضوء الحوادث، منبئة برجات رهيبة وانفساخات وانفكاكات شديدة. . . كانت الإمبراطورية ضمان سلامة وأمن للعالم. . . إن تقدم الملاحة وبناء السفن، بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، أمكن من سلام بريطاني مقبول عند الجميع، إن نمو الملاحة الجوية والمواصلات البرية قد يرد هذا السلام أمرا تقل الرغبة فيه بقدر ما يكون غير ثابت آمن). ويقول أيضاً: إن نظام الدول العظمى كان بأعلى درجاته (في قريب من الوقت الذي بدأت تظهر فيه القوى الفاكة التي بلغت مبلغا يجعلنا نتساءل قلقين في الساعة الحاضرة (حول ١٩٣٠): هل ستجلب خراب عالمنا بأسره؟)
ذلك ما يقول واصف (سير الإنسانية العظيم نحو وحدة عالمية). وبواكير الأحوال تدل على أن انقلاب (كيان الإنسانية) سيكون شرا لها، لا خيراً، لأن الغريزة الأساسية الدافعة إلى الكفاح في الحياة والفوارق الطبيعية بين الأفراد والجماعات لم تتغير ولن تتغير
ويقول الدكتور: ستخطو الإنسانية خطوات أخر (يخيل إلينا أنها قريبة الوقوع وهي: وحدة اللغة، ووحدة التقاليد، ووحدة الزي، ووحدة الأساليب في شتى فروع الحياة). ومن آيات هذا الاتجاه (أن تركيا اصطنعت الكتابة بالحروف اللاتينية. . وفي مصر من يريد مثل ذلك)؛ ومنها (محاولة اختراع لغة عالمية سموها. . . اسبرابتو)
وهذه (وحدات) كثيرة أو حجج كأنها واردة لمجرد الاحتجاج، إذ ليس بخفي على الدكتور أن سكان الأرض ١٨٢١ مليون، هم ستة أجناس أصلية فروعها أكثر من خمسين؛ وأن لغاتهم ومشتقاتها ألف على التقريب، أصولها الأساسية أحد عشر، ويتفاهم بها الهمجي والمثقف ومن بينها في دركات ودرجات لا تحصى؛ وأن اللغة صور لما في النفس من وجدانيات وأفكار. فكيف تنشأ وحدة النفس والدركات والمدركات فيها حتى تتحقق وحدة اللغة في جميع العالمين، مع ما بينهم من تفاوت طبيعي من الجهتين الحسية والمعنوية،