لا عاصم لمصر إلا دستورها، تصلح به ما فسد من أمورها، وإن شوقي لصنع بارع الحيلة في مطالبة الملك فؤاد بالتعجيل به، وفي بيان آثاره وفضائله، فهو النور يهدي الضالين، والمصباح يستضيء به المصلحون فيبعثون من الكهوف الجهال الغافلين، وهم يعدون بالملايين يرسفون في قيودهم، وينقادون لأفراد يحكمونهم طاغين، وليس مثله في علاج هؤلاء الزمني إلا معجزة سيدنا عيسى، فنوره سيشع على الجهلة عمي القلوب فيبصرون ويعلمون، ويده الرقيقة القوية ستحطم قيود المتخلفين فينهضون ويعدون، وأنه للحق والعدل والدواء الوحيد.
هاهنا جلال الفكرة، وجلال الأداء، وتأثيره، وطرافة الخيال، وهاهنا قلب الشعب يخفق، ولسانه ينطق، ويده تصفق، ومن أدلى من شوقي بذلك كله؟؟
زمان الفرد يا فرعون ولى ... ودالت دولة المتجبرينا
وأصبحت الرعاة بكل أرض ... على حكم البرية نازلينا
فؤاد أجل بالدستور دنيا ... واشرف منك بالإسلام دينا
بني (الدار) التي لا عز إلا ... على جنباتها للمالكينا
ولا استقلال إلا في ذراها ... لمتبوع ولا للتابعينا
ترى الأحزاب ما لم يدخلوها ... على جد الحوادث لاعبينا
وإن فقدت فأمر القوم فوضى ... وإن وليته أيدى (الراشدينا)
إذا سارت به أيد شمالا ... أتت أيد فسرن به يمينا
فعجل يا ابن إسماعيل عجل ... وهات النور واهد الحائرينا
هو المصباح فأت به وأخرج ... من الكهف السواد الغافلينا
ملايين تجر الجهل قيداً ... وتسحب بالقليل المطلقينا
فداو به البصائر فهو عيسى ... وفك براحتيه المقعدينا
ومن ير دونه حقاً فإني ... أراه وحده الحق المبينا
وفي قصيدة أخرى بعنوان توت عنخ والبرلمان يتجلى اعتزازه بالحكم النيابي، وكفالته بأن تسود مصر ويحكمها بنوها، وكأنه يلمح دعاوى خصومها بأنها لم تبلغ بعد رشدها، فليست جديرة بالدستور والبرلمان فيرد عليهم في حماسة وثقة بالشعب وسلامة عنصره وجدارته