للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأدب ولكن من غير تعال على ما يستسيغه الخاصة من الجمهور، ومن غير إسفاف إلى مجاراة العامة، وهي رسالة سامية بأغراضها متواضعة بوسائل تحقيقها).

وإخراجنا (شهرزاد) و (يوم القيامة)، كل واحدة في بداية كل عام فحسب، يحقق القسم الثاني من رسالة الفرقة وهي الموسيقى باعتبار أنها (الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى) فلا لوم ولا تثريب علينا.

وفوق هذا فليس في هاتين المسرحيتين الغنائيتين ما يخرج على شرعة النوع الذي ينتميان إليه وهو (الأوبريت) وأن كنت أسف على شيء في إخراجهما على المسرح فلأنه لم يتيسر لي عناصر الرقص الاجتماعي الذي هو ركن رئيسي في هذا النوع من المسرحيات.

ومن التعسف والحيف أن نطالب هذا النوع بمعالجة مشكلات المجتمع، عن حنايا النفس البشرية بالتحليل النفسي الدقيق، وأن تنبسط أطرافه إلى الفلسفة والأخلاقيات واللاهوت.

ومسرحيات (كلنا كده) و (سلك مقطوع) و (قطر الندى) و (شارع البهلوان) ليس في تقديمها ضير ولا إفساد ولا انحراف عما يجب أن تكون عليه المسرحية الباسمة، لأنها كلها فكاهيات ظاهرها هزل وباطنها جد، تخفي كل واحدة منها وراء مظاهرها المفرحة موضوعا له أثره في التبصير والتقويم الخلقي. فمسرحية (كلنا كده) توحي بأن الحياة للخطأ والتوبة. والثانية تلوح بأن التمادي في توخي القصاص من جانب المرأة لرجل فيه مداعاة إلى تعقيد الأمور والتردي في أخطاء أخرى. والثالثة تقرر أن الجريمة إلى قصاص وأن الشر لا يكون طريقا إلى خير. والرابعة، على إغراقها في الهزل، إنما هي سخرية من الغيرة العمياء. مسرحيات باسمة تثير الضحك في وقت عز فيه الابتسام بفعل ضائقة الحرب

وكلها للردع وللإيحاء بما يجب أن تكون عليه جوانب من الحياة ليسعد الناس ويستريح القاضي. فأين في هذه المسرحيات ما يشين؟ ومن أين جاء للسيد الزحلاوي أنني اعترفت بأنها مشينة ومقالي السابق بين يدي القراء؟؟

أما مثالية الأستاذ الزحلاوي، ومفادها (أن تكون الفرقة مائة في المائة للمسرحيات الرفيعة، ولا يهم أن يحضرها الجمهور أو لا يحضر) فأقول عنها أنها ضرب من الاجتلاب شف عما وراءه، ولون من التعالم النظري، ومحاولة للسطوع واللمعان من ضوء غيره.

<<  <  ج:
ص:  >  >>