عن روح الله والروح عامة اكثر من نظائرها في الكتب الأخرى التي قلما تعرض لكلمة الروح بالمعنى الذي يستفاد من نصوص القران
وقد فات الدكتور براون شيء أهم من ذلك كان ينبغي ألا يفوته لان الدليل عليه قائم من أطوار الحركات الإسلامية التي أشار إليها في كتابه، وذلك الشيء المهم الذي فاته هو أن الإيمان بنصيب الإنسان من الربانية أو بحلول المعاني الإلهية في الإنسان لم يكن قط مسالة نصوص مكتوبة وشعائر ملموسة، وإنما هو مسالة فطرة تمتاز بها الأمم كما تمتاز بها الأفراد، وقد نشأت عقائد الروحانية أو الإلهية في المسيحية من تفسير الفلاسفة والأحبار الذين آمنوا بالدين ولم تنشأ من الكلمات التي يقراها كل إنسان في هذا الكتاب أو ذاك
وإن الدين الواحد لتؤمن به امتنان هذه غالية في الوقوف عند المحسوسات، وتلك غالية في المزج بين عالم الحس وعالم الغيب، أو في المزج بين الجسد والروح. وإن الكتاب الواحد ليقراه الرجلان في مدينة واحدة - بل في بيت واحد - فيفهمه أحدهما على طريقه المتصوفة أو القائلين بوحدة الوجود ويفهمه زميله كما تفهم الأوامر العسكرية كلمة كلمة وحرفاً حرفاً بغير تعليق ولا تأويل
ولو شاء الدكتور براون لفطن لهذه الحقيقة الواضحة من التفرقة بين الحركات التي اجمل الكلام عليها في الهند وإيران ومصر والحجاز، وهي حركات القاديانية والبهائية ودعوة الإمام محمد عبده والإمام عبد الوهاب. فكل هذه الحركات تجديد أو إصلاح نشأت في الإسلام وبين المسلمين واعتمدت على الكتاب الذي يدين به كل مسلم وهو القران الكريم، ولكن الفرق بينها في الواقع هو الفرق بين فطرة الهند وفطرة الفرس وفطرة المصريين وفطرة العرب، أو بين الأمزجة والعادات الذهنية التي تعودتها هذه الشعوب من موروثاتها القديمة وبيئاتها الفكرية والإقليمية
ففي الهند ظهر غلام احمد القادياني فبشر بمذهبه الجديد وزعم أنه هو عيسى بن مريم وهو المهدي وهو الإمام المنتظر في مذهب الشيعيين، وادعى فيما ادعي انه تلبس بروح مريم العذراء ثم تلبس بروح المسيح على نحو لا تدركه العقول، وصدق نفسه وصدقه أناس من مريديه حين خيل إليه أنه روح الله حلت بجثمان إنسان لإنقاذ المسلمين والمسيحيين من السواء من الضلال