ومن اليسير جدا أن يلمس المرء في هذه الحركة بقية من بقايا البيئة الهندية التي نشأت فيها عقيدة تقمص الأرواح وتجدد الروح في جثمان بعد جثمان، تارة جثمان ذكر وتارة جثمان أنثى، ومرة رسم حيوان ومرة رسم إنسان
وفي البلاد الإيرانية ظهر مرزا علي محمد الشيرازي، وزعم أنه الإمام المنتظر، ثم انتحل عقيدة الإسماعيلية في ما يشبه القول بوحدة الوجود ووثب من ذلك إلى القول ببطلان الشريعة الظاهرة والأخذ بالحقيقة الباطنة التي تبيح أصحاب - حلول الإله في الإنسان - أن يتصرفوا في الأحكام والقواعد الدينية تصرف الوحي الجديد لأنهم يستوحون مشيئة الله فيما يقولون ويعملون، ثم جهر بإلغاء بعض الشعائر المقدسة التي اتفق عليها المسلمون سنيين وشيعيين حيثما صرحت بها نصوص القرآن
ومن اليسير جدا أن يلمس المرء في هذه الحركة نزعة البيئة التي نشأت فيها طلائع الباطنية والإسماعيلية، بل نزعة البيئة التي نشأ فيها الإيمان بحلول أو رمز في جسد (مترا) رسوله الأمين في حربه الأبدية لإله الشر أهرمان
وفي الجزية العربية ظهرت الدعوة الوهابية والتي تنكر الترف في الكساء والبناء، يقع عليه الحس من جماد أو ذي حياة ومن اليسير جدا على المرء أن يلمس فطرة الصحراء في هذه الصرامة الخلقية وهذا الفصل الحاسم بين عالم الحس وعالم الغيب، خلافاً لتلك الأقاليم الهندية أو الفارسية التي امتزج فيها الحس بالتخيل واتصل فيها عالم الأرض وعالم السماء
وفي مصر ظهرت دعوة الإصلاح على يدي الأستاذ الإمام محمد عبده رحمه الله فكانت تعليماً جديداً في المدرسة قديمة، أو كانت تفسيراً للقوانين الإلهية لا يخرج بها عن نصوصها ولكنه يحفظها في تلك النصوص ويقتبس منها المعنى الذي يوافق معارف العصر الحديث
ومن اليسير جدا على المرء أن يلمس في هذه الدعوة روح مصر التي عرفت نظام الحكم منذ ألوف السنين، وتعودت أن تدين بنصوص الأمر والنهي من ملك بعد ملك وأسرة بعد أسرة، فليس فيما تعلمه أو تدين به إلا ما هو نص محفوظ أو مستمد من تفسير النص المحفوظ بالمعنى الذي لا يخرج عليه، أو هي روح مصر التي عرفتها منذ قام فيها بالنبوة فرعونها إخناتون، وهي الأمة الوحيدة التي تلقت نبوتها من عرش وصولجان