فالحركات التي تتمثل فيها روح التجديد أو الإصلاح بين المسلمين حركات أقوام وطبائع تختلف بينها في العقائد الروحانية والربانية على حسب الفطرة التي طبعت عليها، ولا تعوقها النصوص والكلمات عن اقتباس المعاني التي تتهيأ لها بفطرتها
وقد وقع خلاف كهذا الخلاف بين المسيحيين والموسويين يرجع إلى أسباب كهذه الأسباب من اثر البيئة الإقليمية أو البيئة الثقافية أو البيئة السياسية
فلسي في الإسلام إذن ما يمنع نشوء الحركات الروحانية أو يمنع الاتصال بين روح الإنسان ورح الله، وان كان المسلمون يأبون أن تلغى نصوص كتابهم كما يأبى الكتابيون من المسيحيين والموسويون أن تلغى نصوص التوراة والإنجيل
وإنما أصاب الدكتور براون في رأي واحد وهو كلامه عن حاجة النهضة الروحانية إلى زعيم قدير ينفخ في الأمم الإسلامية وغير الإسلامية من روحه القوية فينفعها وينفع البشر كافة من طريق نفعها
وقد شوهد أثر هذا الزعيم حين وجد، فإذا هو اثر عظيم قلما يشبه أثر الزعماء المصلحين في الأمم الحديثة، فكان جمال الدين الأفغاني باعثا لنهضات الإصلاح في الهند وإيران ومصر وتركيا وسائر الأقطار الإسلامية، وقد يخلفه زعيم مثله فيقترب الأمل الذي استبعده الدكتور براون لأنه لم ينظر إليه بعين المسلم الذي يستمد العزيمة من هذه الآمال
ومما لاشك فيه أن الإسلام اليوم قوة مانعة لكثير من الشرور التي تهب على الناس كافة من قبل المذاهب الهدامة التي تبنى على أساس المادية العمياء، وفي وسع هذه القوة المانعة أن تنطلق في سبيل الإصلاح قوة روحانية دافعة إلى الخير العميم، إذا قيض لها الزعيم العظيم