وَلبَّى الُحْسَيْنُ ومَا مِثْلُه ... إذا همَّ بالعَوْنِ من يَسْتَريبُ
لهُ هَّمِةُ إن تَداعَي الرجالُ ... وسَبْقٌ إلى المَكْرُماتِ عجيبُ
إذا اسْتَصْرخ الَحْقُّ يَوْماً بهِ ... فكلُّ عَناَء إليهِ حَبيبُ
وما كانَ عَنْ نَزَقٍ إذ أجابَ ... ولكنهُ الشَّمَمُ المْسَتجيبُ
وكائِنْ بمكةً مِنْ ناصِح ... يُعذبهُ أنَّهُ راحلُ
يظُّنون شراً بأهْلِ العِراقِ ... فكلٌّ هُناكَ لهُ خاذِلُ
وكم ذا احتواهُ فأوْحى لهُ ... ليَصْرفَهُ مَجْلٌس حافِلْ
يُردَّدُ نُصْحَهُمُ الناصحونَ ... ولِلْقَدرِ الكلمْ الفَاصِلُ
تَخَيرَ من أهله (مُسْلِماً) ... إليهِمْ يَجُوبُ ويَسْتَطْلُع
قُلوبُ العِراقِ حُسَينيةٌ ... فَلَيْتَ سيوَفُهُم تَتْبَعُ
يزَيدَّيةٌ تتوقى يَزيدَ ... فَهُنَّ لِسُلْطَانِه أطْوَعُ
إذا حَملَ الإمَّعاتُ السُّيوفَ ... فمِنْ حَطَبٍ هُن أو أضْيَعُ
قَضى نحَبُه ابنُ عَقِيلٍ فَما ... تَسَامَع أهلُ الحجاز به
تَبرّأَ مِنْهُ الذينَ دَعَوْا ... ومَنْ عَاَهْدُوا الله من حِزْبهِ
وأَسْلَمهُ الناسُ لابن زيادٍ ... رَسُول يَزيدَ إلى حَرْبِه
فَسَارَ الرجالُ بهِ مُوثقاً ... ومِنْ قمِة القَصْر أَلقوا بهِ
مَضى الرَّكبُ يطلبُ أرض العراقٍ ... فيا حادي الرَّكبِ أبطِئ بهِ
تمهَّل برَكْبكَ إن الزَّمانَ ... عَجُولٌ بمَا ساقَ مِنْ خَطْبِه
رُويدكَ يا حاديَ الرَّكبِ قفْ ... ومِلْ بالسَّوابِقِ منْ نُجْبِه
أدِرْ وجْهُه أيُّهذا الدَّليلُ ... وَعْد بالحُسيَن. . . إلا عُدْ بِه
سُكَيْنةُ في الرَّكبِ تُخفي الدُّموعَ ... وُتخفي هَواجِسَها زَينبُ
تَقُول لَئنْ أسْلمتنا الرجالُ ... فأينَ منَ الفاتكِ المْهَرب؟
يَزيد من الصَّخر قَلْبٌ له ... وأكْبَادُ أَصحابِه أَصلبُ
فوا حَرَبا إن هذا المسِيَر ... إلى غَيْهَب خَلْفَهُ غَيْهَبُ
أتبرزُ في قلةٍ الرجالِ ... ونبغي بهِ ثم أمراً جليلا؟