فمنْ لِلْبنينَ غداً وللبناتِ ... إذا خَرّ فينا الحُسَيُن قتيلا
وَمَنْ للإْمامِة من هاشمٍ ... إذا قتلوهمْ هُناكَ قبيلا
عذابٌ لنفسي هذا الرحيلُ ... ألا ساَء هذا لعَمْرِي رحيلا
مَضى الرَّكْبُ عَجْلان صْوب الُفراتِ ... فهلاَّ انثنَى الرَّكبُ عن وِردِهِ؟
مَضى بالحُسين وآلِ الحُسْيَنِ ... وَشُمٍ ثمانينَ مِنْ جُنْدِه
ثمانينَ باعوا لديهِ الحياةَ ... سَمَاحاً وساروا على عَهْدِهِ
إلى حَيْثُ لا يَسْتَقرُّ امْرؤ ... ولا يَقْرُب السَّيفُ مِنْ غمِدهِ
عَلَى فَرْسَخينَ تَراءى الفُراتُ ... وأوْمأ للكوفة السَّالكونا
تَلفّتَ للنَّهر مُسْتَوحشاً ... حُسَينُ ورَاحَ يظن الظنونا
فأيْن الدعاة وأيْنَ الحماةُ ... وأين الكُمَاةُ بها الدّارِعرنا
رأى القْلبُ ما لا تراُه العُيونُ ... وَبَاحَ الفضاءُ بما يُضْمِرونَا
تَصَدَّى له (الُحْرُّ) في عَسْكرٍ ... فَسدَّ عليه مجازَ الطريقِ
فمالَ عَنِ الكوفِة ابنُ الإمامِ ... وفي النفس ضيقٌ بها أي ضيقِ
تَغشَّتْ مُحيَّاهُ سُحْبُ انْقبِاض ... وفي القلب وَسواسُ حُزْن عميقِ
نُكولٌ ولؤْمُ وَمكْرٌ وَغدْرٌ ... وخُلفٌ عَلَى أثر وعدٍ وثيقِ
يُسايُرهُ (الُحْرُّ) في جيشهِ ... ورَكبُ الحُسينِ يجُوب الفَلا
غَفا غَفْوَةً فرأى أنهُ ... يسيُر إلى حتفِه مُعْجَلا
تَسايَر في سيرِه جاهداً ... فَحَطَّ بهِ الَجْهُد في كربلاء
هُنالكَ حيثُ أحاط به ... غلاظٌ يُسُّرون أنْ يُقْتَلا
وكاثُره وهْوَ في قلةٍ ... عَلَى الشَّط من حَوْلِه عَسْكَرُ
وسَدوا إلى النَّهْر عنه الطريقَ ... فَتْدْمَع عيناهُ إذ ينظُر
ففي مَخْدعٍ بين تلك الخُدور ... صغارٌ عن الماءِ لا تَصْبُر
وفي خَيْمَةٍ حَجَبَتْها السُّتورُ ... جُفونُ مُقَرَّحة تُمْطِرُ
ألا كم تطاولَ هذا العذابُ ... وكم لَمحَتْ نُذر الغاشَية
وكم أرْمض الْحرُّ من مهجةٍ ... وقرَّحَ مِنْ كبدٍ صَاديْه