سعيرٌ يُحَرقُ أحْشاءهْم ... إذا أبصروا حَوْلهْم آنية
وما شرِبوا غيرَ ماءِ سَخينٍ ... تظلُّ الجفونُ به هَامَيه
بنفسي صبيُّ ذَوَي عودُهُ ... كرَيْحَانةٍ غَضَّةٍ تَذْبُل
تظلُّ تُعللٌه أمُه ... وفي قلبهَا واعلٌ يأكلُ
فلوْ طلبوا ناظِرَيهْا معاً ... ليَشْربَ خَفتْ بما تَبْذلُ
بمُهَجِتَها تشتري جُرْعةً ... وماءُ الفُراتِ لهم سَلْسَلُ!
تَقدَّم مُحْبَياً بالحسامِ ... حُسَيْنُ وقال إلى: اسمعوا!
دَعَانَي لنُصْرتهِمْ قَوْمُكم ... وأني إلى الحق مَنْ يُسْرِع
فأما ألاقي بنُصحي يزيدَ ... هُنالكَ بالشَّامِ أو أرْجِعُ
فإن تَكْرَهوا تَيْنِك الخَصْلتَيْن ... إلى التُّرك أَفْتَحُ أو أصْرَعُ
أَبوْها عليه فما عنْدَهمْ ... سَوى أن يُبَايع مُسْتَسلما
أصَرُّوا عَلَى لؤمِهْم مُوعِدِين ... وقد عرَفوا شْيَخُهم ألاما
وكم صارخٍ فيهمُ العَداء ... جبانٍ تَعَودَ أنْ يُحْجمَا
سُيوفُهو حَوْلَه تُنْتَصي ... كفاهُ الأسى والضنَّى والظمأ!
ولكنُه عائفٌ ذلةً ... وريحُ الرَّدى حولهُ تَعْصفُ
صَبُوٌر عن الماء في مَوْقفٍ ... تُرَى الأرض من هَوْله ترجفُ
ولَو كان في نصفِ تلكَ الجموعِ ... لما كان عَنْ بطشِه مَصْرِفُ
ولولا عقائلُ بين الخدورِ ... تَصَدى لهم وحْدَهُ يَزحَفُ
تَدبَر حينَ احتواهُ الظلامُ ... فَزَيَّن للتَّابعينَ النَّجاء
خذوا البيَد منَجْاتكَم واجعلوا ... سواد الدجى في سُراكُمْ غِطاء
فما طلبوا اليومَ إلا دَمي ... فإن تسلموا الَسْتُ أخشى الفداَء
وليس عليكم لعَمَرْيَ عارٌ ... ولكن عَلَى طالبكُمْ ظماَء
تتابَعَ أصحابُه يُقْسِمون ... لَيَلقْونَ بين يديهِ الرَّدى
إذا بذل النفسَ منَّا غداُ ... شهيدٌ ففي الحق ما اسْتُشهدا
وقال بنو عَمِه: مَنْ يخوضُ ... سوانا فِدَاكَ الحُتوف غدا؟