يطوعوه. وعلى كل حال فنحن لا نجد الفراغ الكافي للجدل حول هذه المباحث، لأننا نريد أن نعرض لنقطة أخيرة.
تلك هي مسألة الأخلاق، ومسألة الكتابة عن العظماء، وبينها نوع من الارتباط، ولا نحب أن نطيل القول في هذا المجال فلنرجع به إلى قاعدة محدودة.
أمن الخير للإنسانية أن تنطلق من غرائزها وشهواتها - بلا ضابط ولا قيود - أم من الخير للإنسانية أن تكون هناك كوابح وزواجر في صورة من الصور؟
وبتعبير آخر: أمن الخير للإنسانية أن تظل خاضعة للشهوات. أم من الخير للإنسانية أن تتحرر من هذا الضرورات - ولو بتسامي والتصعيد إذا كانت لم تبلغ حتى اليوم درجة التحرر التام؟
أما نحن فلا نتردد في اختيار الوضع الأخير. وأما الأستاذ عادل فيجعل (جماعة القلعة) في قصته يرون الخير كله في إباحة كل محرم، وفي انطلاق من جميع القيود الأخلاقية، للوقوع في جميع القيود الغريزية!
وهذا هو مفرق الطريق!
ثم إنه ينكر على بعض كبار الأدباء عندنا، ويستشهد في إنكار هذا برأي للدكتور مندور! أن يكتبوا عن محمد وأبي بكر وعمر وعلي. لماذا؟ لأنهم عظماء! وكان الواجب أن يكتبوا عن (رجل الشارع)!
لكان العظمة جريمة يعاقب عليها أصحابها بالإهمال!
أن رجل الشارع ليستحق الحديث، نعم، ولكن العظيم يستحقه - على الأقل كرجل الشارع - والأدب مكلف أن يتحدث عمن يحسن الحديث عنه، من هؤلاء أو من هؤلاء، وكل تحكم في اتجاهه إنما هو مجاوزة للحق ومجنبة الصواب.
وبعد فليس ما ناقشته هنا إلا جانباً ضئيلاً مما طرقه المؤلف من مباحث، وحسبه أن يثيرنا للرد أو الموافقة، فهذا أو ذاك نجاح ولاشك للكاتب.