وأنطلق الفيلسوف إلى داره يضحك من نفسه، ومن الطبيب. ولكن كيف يضحك ساعة أو ساعتين؟ وتعمد الضحك وتكلفه، ثم لجأ إلى الملاهي، يشهد كوميديات موليير إلى تثير الضحك. فكان يضحك، في أعماق قلبه. ولم تمض غير شهور قلائل حتى شعر أنه شفي: وعندئذ تساءل عن السر الذي يشفي، ووضع دراسته المسماة
فالشفاء هنا، أتى من موافقة الضحك الجسم ومداواته المرض أراحته الأعصاب.
ورأيت من قبل أن بالضحك حفظت السيدة الفرنسية شبابها وبنت لحمها. واعتقد أن الجاحظ العظيم قد فطن لذلك، فقال:(وما ظنك بالضحك الذي لا يزال صاحبه في غاية السرور إلى أن ينقطع عنه سببه. وكيف لا يكون موقعه من السرور النفس عظيماً، ومن مصلحة الطباع كبيراً، وهو شيء في أصل الطباع، وفي أساس التركيب. لان الضحك أول خير يظهر من الصبي، وقد تطيب نفسه، وعليه ينبت شحمه، ويكثر دمه الذي هو علة سروره، ومادة قوته. . .).
فاضحكوا. . فإن ضحكة واحدة تخرج من أعماق قلبي، فيستريح بها عقلي، ويشفي حسمي، وتبعث في القوة والنشاط، لهي خير مما يجمعون.