نتلفت إلى ما بين أيدينا في المكتبة العربية من مؤلفات، لنقرن إليها هذا المؤلف الجديد، فلا نجد إلا (يوميات نائب في الأرياف) لتوفيق الحكيم
ولكنهما لا يلتقيان إلا في المادة التي يتناولها للتصوير: مادة الشخصيات الآدمية في العمل الحكومي، والجو الرسمي، وإلا في جانب من الروح التي يتناولان بها الموضوع: جانب الفكاهة الساخرة على وجه العموم
ثم يختلفان بعد ذلك في طريقة التناول وفي نوع الإخراج، وفي مستوى التفكير:
ففي (يوميات نائب) تبدو سمة العمل الفني الموحد الكبير الذي تضطرب في مجاله الشخصيات كلها وترتبط برباط واحد من الحبكة الفنية ومحور واحد من التنسيق. و (في الوظيفة) تبدو اللمحات السريعة واللمسات الخاطفة، وتتفرق الشخصيات في الصور المتعددة فلا يربطها إلا عنصر التصوير
وفي (يوميات نائب) إشاعات فكرية، ولمحات فلسفية وومضات شاعرية لا يحاولها مؤلف (في الوظيفة) لأنه موكل بالتصوير الخاطف لا بالتأمل العميق وباللمحة الحاضرة لا بالغايات البعيد
ولكن كليهما جدير بأن يوجد في كل مكتبة، وأن يقرأه كل محب للإصلاح الاجتماعي أو للعمل الفني على اختلاف في المنهج والمستوى والطريق.