للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الراكد لتصدع (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) وأن الآية منه أو بعض الآية ليعترض أفصح كلام يقدر عليه المخلوقون فيكونون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق (فتبارك الله أحسن الخالقين).

(أجدني ركيكاً في الدين ركاكة أشعار المولدين).

ومن علق بأقوال العرب الأقدمين من الجاهلين أو المخضرمين أو الإسلاميين استنزل كلام المحدثين، وقضى قضاء أبى العلاء. وللكلام العربي القديم سلطان قاهر إذا استمكن من نفس خليطه سحره عما سواه، فلا يتقبل إلا إياه. ولولا أن عبقرية أبى تمام وعبقرية المتنبي جهرتا الشيخ وبهرتاه ما كان فخم حبيبا في (رسالة الغفران) ذاك التفخيم مشيراً إلى مقصدات له فائقات ثم قال: (إني لأضمن بتلك الأوصال، أن يظل جسدها وهو بالموقدة صال؛ لأنه كان صاحب طريقة مبتدعة، ومعان كاللؤلؤ متتبعة، يستخرجها من غامض بحار، ويفض عنها المستغلق من المحار) وما كان افتتن بأبي الطيب تلك الفتنة. وسبك حبيب - وأن كان محدثاً - عجيب. ولغته قد ضارعت أو قاربت في القوة قديمة مطبوعة.

ذكر صاحب (الغيث المسجم في شرح لامية العجم) جماعة من (الذين رزقوا السعادة في أشياء لم يأت بعدهم من نالها) فلما جاء إلى الشيخ قال: (أبو العلاء المعري في الاطلاع على اللغة).

يقول الأمام الشافعي في (رسالته في أصول الفقه):

(لسان العرب أوسع الألسنة مذهباً، وأكثرها ألفاظاً، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي).

ولو أحاط إنسان غير نبي بجميع هذا العلم لكان الشيخ أبا العلاء، وإن لم يحط به كله فقد أحاط - كما يخال - بجله. وتلميذه أبو زكريا التبريزي يقول كما ذكر أبن العديم في كتابه (الأنصاف والتحري): (ما أعرف أن العرب نطقت بكلمة لم يعرفها المعري).

من حياة دمشق:

<<  <  ج:
ص:  >  >>