العطاء على المعطى، وتجزل به المنفعة للآخذ. ولقد وجدت أنا واحدا من مائة أسلوب تخطر على البال، حين كنت (من نحو ثلاث سنوات) قاضياً في القلمون، وضاقت الأقوات وقل الخبز، فدعوت إلى ما سميته (مشروع الرغيف)، وأعانني عليه القائم بأمر المنطقة يومئذ ففرضنا على أهل كل بيت من القادرين رغيفا واحدا في اليوم وكلنا من يجمعه، ووزعنا ما جمعناه على المحتاجين، وتركنا من هم بين ذلك فلم نأخذ منهم ولم نعطهم، وهذا الرغيف الذي لا يصعب إعطاؤه على أحد، ولا تشعر به الأسرة، أحيا الله به أهل القلمون - وهم أكثر من سبعين ألفاً - في سنة القحط والضيق، وما ذكرت ذلك لأفخر به، ولا لأنه الأسلوب البديع الذي لا نظير له، بل لأمثل به على ما أريد، والعبرة بالأعمال لا بالأقوال
نسأل الله أن يوفقنا حتى نعمل، ويرزقنا الإخلاص في عملنا حتى يقبل، وألا يجعل هذه المقالة كالصرخة في البيداء.