حرث أبو العلاء القرآن حرثاً عجباً، وسيط هواه بلحمه ودمه، واستهداه فهداه، وذهن أو أدرك من إلهية (الكتاب) وسماويته ومن عربيته الناصعة الصافية ذات الإعجاز، وبلاغته الخارقة العادة ما أدركه الفصحاء البلغاء من العرب في عهد النبي أو كاد يدرك ذلك. ولا تستقلن هذه الكيدودة. ومصنف الشيخ (تظمين الآي)(وهو إن لم نره فقد سمعنا خبره) يبين أنه بلغ في علم (الكتاب) المبالغ - كما يقول الزمخشري - ولا يضمن مثل ذلك التضمين الفائق البديع إلا من خرجه (القرآن) هذا التخريج العظيم البليغ.
(ومن يهد الله فهو المهتدي)
بصر الكتاب الإلهي المحمدي (أحمد بن عبد الله بن سليمان) بعجائبه وآياته فأستيقن واستبصر، وارتوى الشيخ من كوثر البلاغة القرآنية فأزهر الكلام العلائي ونور
نور القرآن قولاً فعلاً وسما صاحبه في القائلين
إنما القرآن هدى الناطقين، إنما القرآن نور العالمين
غث قول لم يهذبه (الكتاب)
والقرآن، القرآن ذلكم الكتاب العجيب المبين، إنه يراه نابغة الأوربيين الأديب العبقري العظيم (جان ولفغنغ غوت) قد أعطي فيه كل مقام حقه، وأخذ كل معنى من مقاصده لفظه، كما يراه قوياً، عظيماً، سامياً، متعالياً، رائعاً، مهيباً قد خرق العادة، فلا غرو أن يبلغ أثره في العالم - كما قال - حيث بلغ.
ألا إن القرآن في الكلام، مثل محمد في الأنام. فإن وجدت لمحمد خطيراً، ألفيت للقرآن نضيراً
(قل: لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً)
دعاكم إلى خير الأمور محمد ... وليس العوالي في القنا كالسوافل
حداكم على تعظيم من خلق الضحى ... وشهب الدجى من طالعات وآفل
وألزمكم ما ليس يعجز حمله ... أخا الضعف من فرض له ونوافل
وحث على تطهير جسم وملبس ... وعاقب في قذف النساء الغوافل