الأمر، سير إليه الجيوش وعليها الأفشين، فاتصلت الحرب بين الطرفين مدة، حتى ضاق الأمر على بابك ثم دارت الدائرة عليه فوقع أسيراً هو وأخوه وجماعة من أصحابه، فجئ به مقيداً مشهراً. قال المسعودي يصف مشهد قتل بابك، (ووجدت في كتاب أخبار بغداد أنه لما وقف بابك بين يدي المعتصم لم يكلمه ملياً، ثم قال له: أنت بابك؟ قال: نعم أنا عبدك وغلامك؛ وكان أسم بابك الحسن، واسم أخيه عبد الله. قال: جردوه؛ فسلبه الخدام ما كان عليه من الزينة، فقطعت يمينه فضرب يمينه فضرب بها وجهه، وفعل مثل ذلك بيساره، وثلث برجليه، وهو يتمرغ في النطع في دمه؛ وقد كان تكلم بكلام كثير يرغب في أموال عظيمة قبله، فلم يلتفت إلى قوله وأقبل يضرب بما بقي من زنديه وجهه. وأمر المعتصم السياف أن يدخل السيف بين ضلعين من أضلاعه اسفل من القلب ليكون أطول لعذابه ففعل، ثم أمر بجز رأسه وضم أطرافه إلى جسده، فصلب ثم حمل رأسه إلى مدينة السلام فنصب على الجسر، وحمل بعد ذلك إلى خراسان فطيف به كل مدينة من مدنها وكورها؛ لما كان في نفوس الناس من استفحال أمره وعظيم شأنه وكثرة جنوده وإشرافه على إزالة ملك وقلب ملة وتبديلها. وحمل أخوه عبد الله ما فعل بأخيه بابك بسامراء. وصلب جثة بابك على خشبة طويلة في أقاصي سامراء، وموضعه مشهور إلى هذه الغاية يعرف بكنيسة بابك. . .)
٣ - راس الحلاج:
للحسين بن منصور الحلاج أخبار غريبة أسهب الكتبة فيها، حتى إنهم صنفوا كتباً شرحوا فيها دعوته وأعماله وأقواله ويهمنا في هذا المقام خبر رأسه. فقد روى ابن الجوزي في ترجمته للحلاج، قائلاً:(. . . . فلما أصبح يوم الثلاثاء لست بيقين من ذي القعدة (سنة ٣٠٩ للهجرة) أخرج ليقتل. . .، وضرب ألف صوت، ثم قطعت يده ثم رجله وجز رأسه أحرقت جثته، وألقى رماده في دجلة. . .).
ثم أشار أبو الفرج إلى مصير الحلاج في حوادث سنة ٣١٠هـ، فقال:(وفي يوم الاثنين سلخ ذي القعدة، أخرج رأس الحسين بن منصور الحلاج من دار السلطان ليحمل إلى خراسان).
وعلى هذا فإن رأس الحلاج مكث سنة كاملة ضيفاً على خزانة الرؤوس.