والروح؟؟ اسمع يا صاحبي ليس العدل والشرائع والقوانين والأديان نفسها تستطيع أن تشفى أدواء الناس، إنما الذي يستطيعها هو الضمير،. وسأنفذ أحكامه التي أرتضيها لنفسي حاكماً محكوماً. استلمنا كلانا للصمت: توهمت صاحبي المسكين لا يواصل رحلته إلى أميركا بل يترك الباخرة عند أول ميناء يتطوع للحرب حتى الموت ولكن سرعان ما استلمح هذا الخاطر يتوارى في طيات كلامي حتى قال لي ضاحكاً: أتحسب الموت يقضي على الموت؟ قلت لا أفهم ماذا تعني. قال: ولا أنا أيضاً أفهم كيف أقضي بيدي على حياة ألقيتها في غيابات العدم، بل أفهم أني سأبقى في فراغ يتساوى والعدم، وسأستمهل الموت حتى القي في كل ساعة ميتة تكفر عن جنايتي، طفرت دمعة كبيرة من عيني المسكين فتلقاها بمنديله، وعندما هم - بالنهوض تخاذل وخانته قواه، تأبطت ذراعه وأسندته على كتفي حتى بلغ غرفته في الباخرة، وإذ كنت عائداً لقيت الطلعة من الأميركان وقد تهيبوا سؤالي وانصرفوا بتتبع بعضهم بعضاً.