عميداً من عمداء الجبابرة سلطته قوى مجهولة تتربص بي لتنتزع مني زوجتي أم ولدي، وارث أموالي ومخلد ذكرى. لقد جن جنون أنانيتي وثارت في فطرة، فطرة الإنسان، أو غريزة لبوة بكرية اقتحم وحش ضار عرينها فهبت تدافع عن أشبالها، كنت أروح وأجيء وأتوهم أني أقفز من سطوح إلى سطوح، أدور حول نفسي كاللولب، أنادي السارق بصوت متهدج أجش، اختلط صوتي بعجيج أصوات عشرات الشبان الذين خفوا مسلحين للفتك بالسارق، إن السطو على منزل في رحلة عروس مدن لبنان إنما هو تحد لكرامة أهلها واستهانة بتقاليدهم ونخوتهم، لمحت شخصاً ماثلاً قبالتي فتصورته عملاقاً من الجن ينقض علي، أحسست بالعملاق الجبار يرفع يديه ليسحقني. . . أطلقت رصاصة أو انطلقت من المسدس رصاصة ردد الوادي صداها. أصابت الهدف فسقط الجسم بدون حراك، أيقظني الانتصار من غفوة الذهول، فتنبهت إلى نفسي وادا أرى حولي طائفة من الجيران أقبلت على صوت الطلق الناري، سمعت صراخاً وعويلاً وحسرات فيها كل معاني الألم والحزن والشفقة. . . أشعلت الأنوار، تجمع الناس، تبينت الوجوه، فإذا بالعيون - تحدجني بنظرات أسى وحيرة ملتاعة مضطربة، دهمنا الجند فإذا بهم يطبقون على القاتل يجردونه من سلاحه وقد دل الجيران عليه. يا للأجناد الأجلاف! بالرجال التحقيق ما أطيب قلوبكم لقد منوا علي - تكرماً منهم بإطلاق حريتي ريثما أرافق زوجتي فأواريه التراب؟!!!، ويلاه لقد جمد جسمي في تلك الساعات وتلبد شعوري وراغت نظراتي، كنت اعتصر عيني، استجدي قلبي قطرة من دمه، ولساني كلمة واحدة انطلق بها، كنت أرى جثمان (يمني) مسجًي في النعش على رأسها أزهار الليمون الذي زانته بها يوم اكليلنا وقد غطى الود ثوبها الأبيض الغارق بالدم، وكنت كقمة الحبل الشاهق جموداً وبرودة. وهأنذا أحس بالوقائع ماثلة أمامي أصورها لك وفق الرؤى والشعور، أحسست الأرض تدور بي والآلام تنساب في نفسي تنهب وتنوش أعصابي. أما محدثي فقد اعتدل في جلسته واشتدت نبرات صوته وقال: من السخرية الاستعانة بالعدل الإلهي واحترام شرائع الناس؟!! أليس رعونة أن تبرأ ساحة القاتل ويطلق من عقاله ولما يجف دم المقتول بعد؟ أليس ظلماً أن تعاد إلى حريتي أنا القاتل الأثيم؟ أين القصاص من حياة؟ أمن العدل أم من الظلم أن أجوب الأرض، أتسكع في الشوارع، أطوف حول الذكريات أتلمس آثار الحياة وأنا ميت القلب