للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بنو الأول مسوخ لا كيان لهم ... مرضى القلوب خطيئات لآباء

مَوْتى المشاعر إلا يوم تافهة ... عمى البصائر إلا نحو أقذاء

هدْت كياني بلواهم وحيرّني ... داء التفاهة في موتى وأحياء

كأن ثرثرة الأفواه في أذني ... رشاش سم على قلبي وأحشائي

يقيء سمعيّ أشهى ما يفوه به ... خيارهم يوم سراء وضراء

هم الذباب فلا خير بأنفسهم ... لأصدقاء ولا شر لأعداء

كلٌّ سواء: فلا بَرٌّ يفيء له ... قلبي. ولا فاجر أصليه بغضائي

يا أخي:

تلك - مع الأسف - صورة بني الأوان، في قلب كل (إنسان) وهي صورة كريهة شائهة، ولكنها هي الحقيقة الحقيقة. وقد تكون أنت أشد حساسية بها، ولكنك لست مفرداً فيها.

وإنني لأود لو تبلغ كلماتي إلى أذنيك، ولو تُجاوزهما إلى قلبك، ولو تستطيع أن تنقل إليك اهتزاز نفسي، فتشعر - على البعد - بهذا التجاوب معك في دنياك!

وانتقلت من هذه الصرخة الوجيعة إلى مقال بعدد الرسالة الأسبق للدكتور مندور عن (الرقص الكلاسيكي) وليست النقلة بعيدة - كما يبدو - فقد بدأ المقال هكذا:

(بدا لي أن أكتب عن الرقص، وذلك أملا مني في تقويم الأخلاق. وقد يبدو هذا غريباً؛ فكيف تقوّم الأخلاق بالحديث عن الرقص؟ ومع ذلك فهذا حق، فالرقص ونقصد به الإيقاعي والتعبيري - لا الرقص الشرقي طبعاً - يورث من يزاوله من رجال ونساء قوة في الجسم تحرر النفس من آفاتها)

نحن إذن في مجال الشكوى من قيود النفس ومن ضمور الأخلاق. في المجال الذي انبعث فيه صرخة الشاعر الوجيعة، لم نعده إلى سواه!

وتعجبني قفزات الدكتور مندور - في بعض الأحيان - ففيها طابع الحرارة، وعنصر الإخلاص؛ وهو مُيسّر لهذه القفزات، وإن اختلفنا معه في التطبيق هنا كما اختلفنا معه في تطبيق (الشعر المهموس)!

اسمه يقول: (والرقص كما هو رياضة للجسم رياضة للروح. وذلك لأنه يغذيها بشعورين لهما أثر عظيم في الحياة، وهما الشعور بالمرح ثم الشعور بالجمال. وليس من شك في أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>