للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(وقد اخطأ الفريقان في نظرهم وتشاؤمهم، ويرجع ذلك الخطأ إلى أنهما قد أضدها حكمهما على الشعب المصري باعتباره قد استكمل أداته للكفاح، وأخذ أهبته وجرب وكبرواستقر. وبعبارة أخرى قد قطع مرحلة الانتقال وظهرت ملامح شخصيته الثابتة من حسنات وعلل وعورات

(ولو أيهما انتبها إلى أن حالة مصر اليوم لا تزال حالة انتقالية، وان بعض العلل التي نراها ليست من العلل (المزمنة) وقد تكون غريبة عن جوهر الخلق المصري الصحيح، وأنها إذا عولجت انتقت عنه، وزالت كما يزول كل عرض. . . أقول لو أنهما انتبها إلى ذلك لهما أن تشاؤمهما أكبر خطر يتهدد الفكرة الإصلاحية، بل وكل فكرة تطمح إلى المثل العليا والسير بالبلاد إلى أبعد الغايات).

هذا التفاؤل مطمئن على كل حال. وفي هذا القول كثير من الصدق. وشاهده قائم في الحياة المصرية القديمة والحياة المصرية اليوم. وقد كانت لمصر مباهجها الحية يوم كانت حياتها توحي بالمرح والابتهاج. . . وحتى الرقص، الذي يريد الدكتور مندور ليستجلبه لنا من الإغريق. قد حفظت لنا منه الصور الفرعونية والآثار مشاهد جميلة فائضة بالحيوية منسقة بالايقاع، مشعة بالسرور!

فلنسمع إلى صرخة الشاعر الإنسانية، وإلى قفزة الدكتور النفسية، وإلى تفاؤل الدكتور المطمئن، فكلها دليل حيوية قد أخذت في الظهور

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>