وجفاء، فالشيوخ رسخ مجهودهم في اللغة والعلم والبحث، والكهول والفتيان امتلأت نفوسهم بالأمل والطموح، واكتسبوا بالتحصيل ما بذوا به الأوائل، فقد جمع بعضهم بين الثقافتين العربية والغربية، فانبعثوا وراء المثل العليا يسترشدون بالهداة ويتأثرون أعلام هذه النهضة التي تنوروها من قريب ومن بعيد
وان في أدب الشام الحديث لألواناً وفنوناً، ففي الكتابة والإنشاء فريق لو أتيح لهم دور نشر وطباعة تفي بآثارهم فتذيعها في الناس، أو لو كانت صحفهم تجاوز آفاقهم، لشاع صيتهم، وفي هذا الملأ مواهب فنية في النقد والقصص، لولا إيثار أصحابها لوظائف الدولة لأثر عنهم كل أثر نفيس
إنه لأدب طريف الأوان أصيل السمات، ولكنه ضئيل الجزم، محلى الشيوع والازدهار، والشام سوق لهذا الأدب المصري بأكثر مما هي فيه لأهلها، فلو سئل المثقف أو المتعلم في ديار الشام عن مصر وأدباءها وكتبها وعلمائها، لأجاب بما يعجب وبما يطرب، إذ أن أدب مصر يعيش في تلك الديار منذ ثلاثين عاماً كما يعيش في حمى الأزهر وتحت قبة الجامعة، وفي ندوات الثقافة المصرية، غير أن مصر التي يجمل بها عتاب الحبيب لا تعرف من أدب الشام إلا القليل، وكلتا الشقيقتين على حق فيما ترى بهذا الشأن. ولعلي أتحدث قريباً عن فنون هذا الأدب مزوداً بذكر أعلامه وكاتبيه وأهل القصة والنقد فيه