وبعد فأني أسرد عليك شيئاً عن حال أسرتي كما طلبت، وعلى الأخص حال ولديّ؛ إنهما والحمد لله بخير، وإننا في أيام الحرب هذه لنشكر الله على أنهما لا يزالان كذلك. وإنه ليؤسفني أنك غائباً حينما زار أصغر الأخوين المدرسة التوفيقية سائلاً عنك وكذلك يشغر هو بالأسف؛ ولم يكن لديه متسع ليعاود الزيارة كما ذكرت أنت مع أنه رغب في ذلك؛ كان جيمس أصغرهما هو الذي زار المدرسة لا وليم؛ وهو الآن (ليفتنانت كيرنل) في فرقة المدفعية وهو يحارب على رأس رجاله في جبال إيطاليا. ولقد كان وليم على مقربة من القاهرة حديثاً إذ كان يصحب مستر ونستون تشرشل أثناء المؤتمر الذي عقد في ديسمبر الماضي في مينا هوس؛ ولم يكن يستطيع أن يغيب طرفة عين عن مكانه قرب الأهرام، وعلى ذلك فلم يتمكن من زيارة المدرسة كما كان يحب أن يفعل. ولقد رقي الآن إلى مرتبة نائب مارشال الطيران وسيذهب لقيادة قوة الطيران الملكية في جبل طارق وهو عمل شائق يتطلع إليه في شغف، وفد يكون ممكناً أن يطير من جبل طارق يوماً ما إلى القاهرة، فإذا تم ذلك فمن المؤكد أنه يحب أن يراك وإنه لذلك سيزور المدرية، وآمل أن تكون وقتئذ حاضراً؛ ولكني لا أستطيع طبعاً أن أذكر متى يفعل ذلك إن كان ثمة ذلك في طوقه. ولوليم الآن طفلان هما حفيداي الحبيبان، بنت في السادسة وصبي في الرابعة، ولقد قضيا هنا عندنا أسبوعين؛ وكان جميلاُ أن نراهما وعلى الأخص ذلك الصبي فقد ولد في بدء الحرب ولم نره قبل اليوم أبداً؛ وهو ولد جميل قوي البنية لن يتعب من اللعب، ولذلك تراني أتعب قبل أن يتعب هو إذا ما لعبنا معاً ولما تنته اللعبة؛ فأن جسمه الصغير أكبر قوة من جسمي الذي هده الكبر.
ليست زوجي على خير ما أحب لها من العافية؛ أما أنا فعلى خير ما أرجو إذا ذكرت إني أدلف إلى الثمانين من عمري؛ فلا زلت أستطيع أن أصعد في تل قريب حيث أطل منه منظر بهيج، وإن كنت بالضرورة لا أستطيع أن أفعل ذلك في مثل ما كنت عله سالفاً من السرعة، كما أني لا أبلغ من التل ما كنت أبلغه من قبل.
أشكرك ثانياً على كتابك الكريم وما جاء فيه من عبارات طيبة، وأرسل إليك أطيب تمنياتي وتشاركني في ذلك زوجتي؛ كما نرسل حبنا ومودتنا لكل من لا يزال يذكرنا وبخاصة أنت والحاج عبد القادر العزيز.