عن السفن الأخرى. وأنت عليم بما يصيب هذه السفينة المنقطعة من البلاء
ولو أن هذا العشر أيقظ تسعة الأعشار لاستغلّ جهودهم ولوصل بالسفينة وهي مصر إلى حيث تصل السفن الأخرى وأصبحت بنجوة من المهالك ونجا هو ونجوا هم معه. وليس ما يبذل من جهد ومال في تهذيب العامة وإصلاح شأنهم بكثير وان عظم. ولو علم الناس ما في تركهم أبناء وطنهم فريسة للجهل وللضلال وللفقر وللأمراض الجسدية والنفسية من الأخطار المحققة التي لا يمكن أن يسلم منها مجموع الأمة لافتدوا سلامتهم بأموالهم وأنفسهم، فما أشبه أبناء الوطن الواحد بأبناء أب واحد، عنى بتربية فريق من هؤلاء الأبناء فشبوا مهذبين قادرين على كسب قوتهم من أحسن الوجوه، ثم أدركته الوفاة قبل أن تشتد سواعد الفريق الآخر ويربيهم، ثم أهمل أخواتهم تربيتهم فشأوا جهلة مرضى النفوس عجزة عن كسب أقواتهم. فلا شك أن الفريق الأخير يصبح عالة على الأول مسئولا منه شرعاً وعرفا، فهو إما أن ينهض بأعبائهم، وإما أن يستهدف لخطرهم ويكون هو أول فريسة لهم يسلبونه ماله وراحته وربما سلبوا روحه، وما أكثر ما يمثل أمامنا من آن لآخر من هذه الحوادث
فيا أيها الشبان المتعلمون النجباء، يا رجال المستقبل القريب، اعملوا من الآن على إيقاظ تسعة أعشار المصريين إخوانكم لئلا يكونوا عالة عليكم غداً، بل ليكوا عوناً لكم على إحياء الحضارة وإصلاح كل فاسد، واحذروا أن تشتروا العاجل بالآجل بأن تؤثروا ساعات تقضونها في اللهو والكسل والخمول الآن على راحة المستقبل وسعادة المستقبل، وتعالوا إلى الميدان الذين فتحه لكم إخوانكم الأمجاد أعضاء اللجنة التنفيذية لمشروع القرى وجال فيه جولات صادقات في هذه العطلة الصيفية أبطال من ذوي العزائم هم إخوانكم المتطوعون لمشروع القرى فكان هؤلاء وهؤلاء من المجاهدين السابقين الأولين الموفقين. تعالوا واعملوا لوطنكم منذ الآن تحت العلم الخفاق الذي يحمله علم مصر وفخرها في القرن العشرين أبو الطب غير منازع ولا تدافع، الدكتور علي باشا إبراهيم واذكروا قول الشاعر
املأ الدنيا بما تسطيع من ... عمل يبقى إذا العمر ذهب
إنما الأعمال تاريخ الفتى ... تقرأ الأجيال فيه ما كتب
تعالوا واعملوا للخير، وفقكم الله لإسعاد أنفسا ولإسعاد وطنكم وأبقاكم ذخراً له.