للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فروض الكفاية التي إذا قام بها بعض الناس سقط عن الباقين. وإنما هو في الوقت الحاضر من الفروض الوطنية العينية التي يجب على كل ذي معرفة القيام بنصيب منها، وقد تكون من الفروض الدينية. وأبناؤنا الطلبة مع ذلك أطهر قلوباً وأخلص نية وأشد غيرة وحمية وأقوى أبداناً ونفوساً، فإذا خلا منهم ميدان الإصلاح فقد خلا من كل شيء

وإنا لا نبغي من أبنائنا النجباء طلاب الجامعة والمدارس العليا أن ينصرفوا عن التزود من العلم وتكميل أنفسهم إلى معالجة الإصلاح في القرى، لأننا إن طلبنا ذلك منهم كنا خاسرين مسرفين نشتري إصلاح الفلاح بإفساد الطبقة الممتازة التي نعلق عليها كل الآمال، وإنما نريد من أبنائنا الطلبة النجباء عُدّة الوطن وأعظم كنوز ثورته أن يقسموا أوقاتهم وجهودهم على ثلاثة أمور لا رابع لها وهي: (١) طلب العلم. (٢) الرياضة البدنية واللهو المباح اللذين لابد منهما لحفظ الصحة وتجديد القوى والنشاط (٣) خدمة الوطن من أحسن الوجوه وهو نشر العلم والفضيلة بين سواده الأعظم في القرى

أما البطالة والكسل والخمول فقد آن أن يكون بين أبنائنا وبينها ما بين المشرقين من بعد في هذا الزمن العصيب الذي يستهدف فيه للفناء كل إنسان وكل جماعة لا يكون شعاره وشعارها الجد، الاجتهاد، اليقظة، الاستقامة، العمل، التقدم. وانه ليعز علينا أن ينصرف فريق من شبابنا في أيام الدراسة وفي أيام العطل إلى اللهو غير المباح والى الكسل والخمول ناسين أنفسهم ووطنهم. وان أخسر الناس صفقة وأعظمهم غبناً في رأيي شاب آتاه الله قوة الشباب وسلامة الأعضاء والصحة وفراغ البال ورزقه من يعلوه ويكلف أموره ومهدت له سبل الاستفادة والإفادة، ثم هو مع ذلك يضيع هذه الهبات الثمينة والمواهب العقليلة التي من بها الله عليه من اللهو والبطالة فلا هو ينفع نفسه ولا ينفع غيره. لا بل قد. قد يكون بلاء على نفسه وعلى غيره

وما أشبه المصريين الآن بركاب سفينة تسير بالمجاديف مع طائفة من سفن أخرى لا أقول تسير بالبخار، وإنما أقول إنها تسير بالمجاديف مثلها، تلك السفن هي دول الغرب. وتسعة أعشار من في السفينة المصرية نيام نوم أهل الكهف، والعشر المستيقظ هو الذي يسير السفينة وحده، على حين أن ركاب كل سفينة أخرى يتناوبون العمل بينهم، فلابد لسواعد المصريين من الكلال ولابد لعزائمهم في النهاية من الخور، ولابد لسفينتهم من الانقطاع

<<  <  ج:
ص:  >  >>